اليحياوي يكشف سر هيمنة الأصوات القروية والعزوف على العملية الانتخابية

حسين العياشي
كشف مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة الحسن الثاني، خلال مروره بأحد البرامج الحوارية، عن أرقام مثيرة حول المشهد السياسي المغربي. إذ أكد أن 89% من الأصوات التي حصدها حزب التجمع الوطني للأحرار، خلال الانتخابات الأخيرة جاءت من العالم القروي، نتيجة تجميع الأصوات المشتتة في القرى ضمن سلة حزبية واحدة، بدل أن تبقى موزعة بين أحزاب متعددة. هذا المعطى، بحسب اليحياوي، يبرز قوة وتأثير العالم القروي على النتائج الانتخابية، في وقت شهدت فيه المدن ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة العزوف الانتخابي.
لكن الديناميات الديمغرافية بدأت تغير هذه المعادلة. سنوات الجفاف المتعاقبة دفعت نحو هجرة قروية إلى المدن، ما أحدث تحولًا جغرافيًا مهمًا. اليحياوي يشير، عبر أبحاثه الميدانية، إلى ظهور المدن الصغرى كمساحات جديدة للنمو السكاني، ما سيؤثر حتماً على خريطة القوة الانتخابية في المستقبل القريب.
الأرقام المرتبطة باللوائح الانتخابية تعطي صورة أكثر وضوحًا عن هذه التغيرات. فبين 2002 و2016، تراوح عدد المسجلين بين 13 و15 مليون، بينما وصل إلى حوالي 18 مليون مسجل في 2021. ورغم هذا النمو، بقي معدل غير المسجلين ثابتًا عند حوالي 7 ملايين، كما أظهرت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتيها (2007 و2021).
تدقيق اليحياوي في الفئات العمرية كشف عن خلل عميق في مشاركة الشباب: فبين الفئة العمرية 18 و24 عامًا، لا يتجاوز معدل التسجيل في اللوائح الانتخابية 11% فقط، بينما ترتفع النسبة إلى 50% بين 25 و34 عامًا، وتصل إلى 95% لمن تجاوزوا 60 عامًا. في المقابل، يظل معدل التسجيل في العالم القروي مرتفعًا جدًا، لا يقل عن 90%.
وأبرز اليحياوي من خلال دراسته الميدانية لمرحلة 2021 وما بعدها، أن العامل الحاسم الذي قلب موازين صناديق الاقتراع كان تعبئة الشباب وإشراكهم في العملية الانتخابية. هذه المعطيات تؤكد أن اكتساح الصناديق لم يكن مجرد نتيجة للمناطق القروية وحدها، بل كان نتيجة مباشرة للتركيز على الشباب وتحفيزهم على المشاركة.
وعن مشروع التسجيل التلقائي لكل من تتوفر فيه شروط الناخب، يتساءل اليحياوي: هل هناك فعلاً إرادة سياسية لتنفيذ هذه الخطوة، أم سيبقى مجرد خطاب؟ فالفئة العمرية 18–34، وعددها حوالي 11 مليون شاب، لم يسجل منها سوى 3 ملايين فقط، ما يضع المسؤولية الكبرى على عاتق الأحزاب السياسية لتأطير هذه الفئة وضمان إدماجها في العملية الانتخابية، إذا ما أرادت أن تعكس ديمقراطية حقيقية وحيوية سياسية مستدامة.