اليماني يطالب بالتحقيق في ملف أرباب المطاحن: من يعبث بأموال صندوق المقاصة؟

حسين العياشي
كشف نائب برلماني، في مستهلّ خرجته عن “واقعة” فهم منها أنّ المطاحن تطحن الدقيق والورق، ثمّ تراجع لاحقًا تحت وطأة الجدل ليصحّح المقصود باتهامٍ يتعلّق بتزوير فواتير للاستفادة من الدعم. الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، علّق على الموضوع، معتبرًا أن المفرقة تمثّل خطورة من حيث المنطوق والمفهوم معًا.
بين قراءتين تاه الرأي العام: قراءةٌ حرفية تُحيل إلى خلطٍ ماديّ يهدّد صحة المواطنين، خصوصًا مستعملي الدقيق المدعّم؛ وقراءةٌ مجازية تفهم العبارة على أنّها إدانةٌ لمساطر احتيالية عبر فواتير مزوّرة لالتقاط أموالٍ من المال العام. وفي الحالتين، يؤكّد اليماني أنّ المسألة لا تُترك للتأويل، بل تقتضي تحقيقًا مؤسّسيًا شفافًا، وإبلاغ المغاربة بنتائجه، وترتيب المتابعات والجزاءات حيثما ثبتت المسؤوليات.
لاحقًا، ومع توضيحات النائب ودخول النيابة العامة على الخط، استقرّ المعنى على شبهة التلاعب بالفواتير ونهب المال العمومي الموجّه للدعم، لا على الإضرار المباشر بصحّة الناس. غير أنّ جوهر الاتهام ليس وليد اللحظة؛ فقد سبق لعبد الإله بنكيران، في ملف دعم المحروقات، أن اتّهم شركاتٍ بمراكمة أرباح على حساب صندوق المقاصة، من دون أن يُفتح الملف حين كان رئيسًا للحكومة. هذا التكرار، بحسب قراءة اليماني، يوحي بمسارٍ يراد له أن يؤلّب الرأي العام ضدّ الصندوق تمهيدًا للتخلّي عنه، واستكمال تحرير أسعار المواد الأساسية والمرافق العمومية، وترك السوق في قبضة لوبياتٍ تراكم الأرباح على حساب شروط العيش الكريم.
على الأرض، لا تصمد “زيادات الأجور” ولا “الدعم الموجّه” أمام التآكل السريع للقدرة الشرائية والارتفاع المهول في كلفة المعيشة. المؤشّرات اليومية تقول إنّ ما يُقدَّم باليد اليمنى يُستَردّ باليسرى عبر الأسعار، وأنّ الفجوة بين الدخل والاحتياجات تتّسع على نحوٍ مقلق.
الخلاصة التي يطرحها اليماني واضحة وحادّة: لا يمكن مطالبة المغاربة باقتناء أساسيات حياتهم بأسعارٍ مربوطة بالسوق الدولية ومضاعفة بآثار الاحتكار وضعف المنافسة، بينما يتقاضون أجورًا هزيلة ويتلقّون دعمًا اجتماعيًا لا يكاد يكفي لفاتورة الماء والكهرباء. المعالجة تبدأ بتحقيقٍ نزيهٍ ومحاسبةٍ لا هوادة فيها، وبسياساتٍ عمومية تعيد الاعتبار لوظيفة الحماية الاجتماعية وتضع كرامة المواطن قبل ربح السوق.




