بايتاس بين المليارات والمطالب الشعبية خطاب دفاعي يزيد تعميق فجوة الثقة

فاطمة الزهراء ايت ناصر
في ظهوره الأخير، حاول الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أن يواجه أسئلة الرأي العام بلغة الأرقام، مستعرضاً ميزانيات ضخمة للتعليم والصحة. لكن الخطاب، رغم ضخامته الحسابية، بدا أقرب إلى مرافعة دفاعية عن الحكومة منه إلى جواب واقعي عن اختلالات يعيشها المواطن يومياً في المدرسة والمستشفى.
حرص الناطق الرسمي على التذكير بأن الحكومة خصصت ميزانية ضخمة لقطاعي التعليم والصحة، تجاوزت 100 مليار درهم، منها 85 مليار درهم للتعليم و32 مليار درهم للصحة. واعتبر أن هذه الاستثمارات دليل على أن الحكومة لا تسعى إلى خوصصة هذين القطاعين، متسائلا: “هل من يريد الخوصصة يمنح كل هذه الأموال؟”
لكن رغم جاذبية الأرقام، بدا الخطاب وكأنه أقرب إلى دفاع سياسي عن الحكومة، أكثر من كونه إجابة عن الإشكالات اليومية التي يواجهها المواطن. فالمشكل لا يكمن في حجم الأموال المرصودة، بقدر ما يتمثل في غياب آليات دقيقة للمتابعة والتقييم، تضمن أن تتحول هذه المليارات إلى تحسين فعلي في المدارس والمستشفيات، بدل أن تبقى مجرد أرقام على الورق أو مشاريع عابرة.
اللحظة الأكثر توترا في الحلقة كانت حين نقل الصحافي عواملة مطالب شباب جيل “Z”، مشيرا إلى أن جزءا منهم يرفض الحوار مع الحكومة ولا يطالب إلا برحيلها.
هنا رد بايتاس بحدة: “هل أنت الناطق الرسمي باسم الشباب؟”، في محاولة لإحراج الصحافي بدل معالجة جوهر السؤال.
هذا النقاش انتشر على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره العديد من النشطاء أسلوبا استفزازيا لا يليق بمسؤول تواصل حكومي، خصوصا أن الحوار مع الصحافة من المفترض أن يكون مساحة لشرح المواقف وتبسيط القرارات، لا لتبني لغة هجومية تزيد من حدة الاحتقان.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ حمّل الناطق الرسمي الإعلام والأسرة جزءا من المسؤولية عن الاحتقان الاجتماعي، متحدثا عن تخلي هذه المؤسسات عن أدوارها التربوية والاجتماعية، في مقابل إبراز الحكومة كفاعل وحيد عبر برامجها، وعلى رأسها مشروع مدارس الريادة.
غير أن هذا الطرح يعكس رؤية أحادية تغفل أن الإصلاح لا يمكن أن ينجح دون شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع.
النقاش كشف عن فجوة عميقة بين لغة الأرقام وتطلعات المواطنين، فالإصلاح لا يقاس بحجم الاستثمارات المعلنة، بل بما يلمسه المواطن في المدرسة والمستشفى وسوق الشغل. غياب رؤية استراتيجية واقعية يجعل الخطاب الرسمي أقرب إلى خطاب إعلامي دفاعي، يفتقد إلى الموضوعية والجرأة في مواجهة النقد المجتمعي.





