برشيد تحتضن أول مصنع للمدرعات: المغرب يدخل مرحلة جديدة من السيادة العسكرية

حسين العياشي

يدخل المغرب ابتداء من الأسبوع المقبل مرحلة فارقة في تاريخه الصناعي والعسكري، مع تدشين أول مصنع لإنتاج العربات المدرعة بعجلات WhAP 8×8 بمدينة برشيد، يومي 22 و23 شتنبر، في إطار شراكة استراتيجية مع المجموعة الهندية العملاقة Tata Advanced Systems Ltd. خطوة تؤشر على تحول استراتيجي في مسار المملكة نحو بناء صناعة دفاعية وطنية تقلص من التبعية الخارجية وتعزز مكانتها كفاعل إقليمي صاعد في مجال الصناعات العسكرية.

الحدث يتزامن مع زيارة رسمية يقوم بها وزير الدفاع الهندي، راجنات سينغ، إلى المغرب بدعوة من الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي. زيارة وصفتها السفارة الهندية بـ”VVIP” تعكس أهمية التعاون العسكري بين الرباط ونيودلهي، والذي لا يقتصر على تبادل الخبرات، بل يشمل نقل التكنولوجيا وتكوين الكفاءات، ما يجعل المشروع أكثر من مجرد استثمار صناعي، بل رهاناً استراتيجياً على المدى الطويل.

مصنع برشيد يعد الأول من نوعه في شمال إفريقيا، وسيمكن من إنتاج مدرعات متطورة مصممة خصيصاً لتلبية حاجيات القوات المسلحة الملكية. أكثر من 100 مهندس وتقني مغربي، تلقوا تكويناً متقدماً في الهند، سيلتحقون مباشرة بهذه الوحدة الصناعية، ما يؤشر على بداية تكوين رأسمال بشري متخصص في مجال حساس واستراتيجي.

أهمية المشروع تكمن في كونه لا يقتصر على التصنيع المحلي، بل يؤسس لـ نقل واسع للتكنولوجيا في مجالات الهندسة، تصنيع المكونات الأساسية، والتكوين المستمر. وهو ما يضع المغرب على طريق بناء صناعة دفاعية قادرة على تلبية حاجياته الذاتية، وفتح آفاق تصدير مستقبلية نحو أسواق إقليمية ودولية.

إلى جانب بعده الدفاعي، يتوقع أن يحدث المشروع دينامية اقتصادية محلية بمدينة برشيد ومحيطها، من خلال خلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، وتشجيع ظهور شبكة صناعية مساندة في مجالات مرتبطة كالإلكترونيات المدمجة، الميكانيك الدقيقة، والصيانة المتقدمة.

بهذا المشروع، يخطو المغرب خطوة كبرى نحو التموقع كقطب إقليمي في الصناعات الدفاعية، مستفيداً من موقعه الجغرافي الاستراتيجي، وشبكة شراكات دولية متنامية تشمل قوى صاعدة كالهند. إنه رهان يتجاوز البعد العسكري ليعكس رؤية وطنية للسيادة الصناعية، قائمة على تكوين الكفاءات، الانفتاح على التكنولوجيا، وتعزيز الروابط مع شركاء استراتيجيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى