برعاية الأميرة للا أسماء.. مؤتمر إفريقي يؤسس لمرحلة جديدة في مواجهة صمم الأطفال

حسين العياشي

احتضنت جامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالرباط حدثاً علمياً وإنسانياً بارزاً، ترأسته الأميرة للا أسماء، رئيسة مؤسسة للا أسماء، حيث أعطت انطلاقة أشغال أول مؤتمر إفريقي حول زراعة القوقعة لدى الأطفال. محطة وُصفت بكونها خطوة تأسيسية نحو بناء قطب إفريقي متكامل يُعنى بمكافحة الصمم لدى الأطفال وتطوير تقنيات السمع.

هذا الحدث، الذي يندرج في سياق الرؤية المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، يعكس التوجه المغربي الراسخ نحو تعزيز التعاون الإفريقي–الإفريقي بأسلوب عملي وإنساني، يضع صحة الإنسان وكرامته في صلب أولوياته. وقد وجدت هذه الرؤية صداها الواضح في المبادرات التي تقودها مؤسسة للا أسماء منذ سنوات، مُحدثة تحوّلاً نوعياً في حياة آلاف الأطفال الصم وذوي الاحتياجات السمعية داخل المغرب وخارجه.

ولدى وصول صاحبة السمو الملكي إلى الجامعة، جرى استقبالها وفق بروتوكول رسمي، قبل أن تتقدم للسلام عليها شخصيات حكومية ومنتخبة ومسؤولو مؤسسات وطنية محورية، من بينهم وزراء الصحة، والتعليم العالي، والشباب والثقافة، والتضامن، إلى جانب والي جهة الرباط–سلا–القنيطرة ومسؤولي مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة ومؤسسة التعاون الدولي، إضافة إلى رئيس مؤسسة للا أسماء.

بعد ذلك، قامت صاحبة السمو الملكي بزيارة رواق مؤسسة للا أسماء، الذي يعرض مساراً حافلاً بالمبادرات الرائدة في إدماج الأطفال الصم، وتيسير ولوجهم إلى التعليم والخدمات التأهيلية، وتوفير حلول تضمن لهم حياة لائقة وفرصاً متكافئة.

وفي مستهل الجلسة الافتتاحية، شدّد المدير المندوب لمؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة على البعد الاستراتيجي والأخلاقي لاحتضان الأميرة للا أسماء لهذا الحدث، مؤكداً أن رعايتها تدل على التزام المملكة العميق بقضايا الإدماج الاجتماعي والتنمية البشرية.

أما الرئيس المنتدب لمؤسسة للا أسماء، فأشار إلى أن المؤتمر يمثل لحظة يمتزج فيها العلم بالعطاء، مؤكداً أن الجهود التي تقودها الأميرة للا أسماء أعادت الأمل لعشرات الآلاف من الأطفال، ومنحتهم القدرة على استعادة السمع والاندماج في المدرسة والمجتمع. واستعرض حصيلة لافتة: 850 عملية زراعة قوقعة داخل المغرب، و341 عملية خارج البلاد، إضافة إلى اعتراف 21 دولة إفريقية بتجربة المؤسسة المغربية.

المؤتمر شهد أيضاً توقيع اتفاقيتين مهمتين. الأولى بين مؤسستي للا أسماء ومحمد السادس للعلوم والصحة، بهدف تعزيز البحث العلمي والابتكار في مجال الصمم الطفولي، وترسيخ شراكة تجمع بين الخبرة الميدانية للمؤسسة الأولى والمعرفة الأكاديمية والعلمية للثانية. أما الاتفاقية الثانية، فجمعت مؤسسة للا أسماء بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، وتشكل منعطفاً حاسماً في ضمان الولوج المنصف لعمليات زراعة القوقعة لفائدة منخرطي الصندوق وأسرهم، بتمويل كامل تتكفل به المؤسسة.

وتوّجت صاحبة السمو الملكي الجلسة بتسليم جائزة “الأميرة للا أسماء للبحث العلمي” للطبيبة غيثة مشايى، عن مشروعها المبتكر المتعلق بتطوير تطبيق هاتفي لتأهيل السمع لدى الأطفال بعد زراعة القوقعة، بالدارجة المغربية، في خطوة تعكس رغبة المغرب في دعم البحث التطبيقي المؤثر وابتكار حلول تتلاءم مع واقع الأطفال في المنطقة.

وفي ختام الافتتاح، قامت الأميرة بزيارة أروقة العارضين من الشركات العالمية ومراكز البحث والابتكار في مجالات السمع والتكنولوجيا السمعية.

بهذا الحدث التأسيسي، يستقبل المغرب نخبة من الخبراء والخبرات القادمة من مختلف القارات، في خطوة تُرسّخ مكانته كفاعل أساسي في تطوير طب السمع على المستوى الإفريقي، وتعكس إرادته الواضحة في بناء شراكات علمية وميدانية تضمن مستقبلاً يُسمِع كل طفلٍ صوت الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى