بركة يحذر من أزمة الجفاف وزراعة الفواكه المستنزفة للمياه مستمرة بلا ضوابط

فاطمة الزهراء ايت ناصر

كشف نزار بركة، وزير التجهيز والماء، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، أن المغرب يواجه أزمة جفاف ممتدة للسنة السابعة على التوالي، حيث لم تتجاوز واردات الماء خلال شهر شتنبر الماضي 160 مليون متر مكعب، رغم التحسن النسبي الذي شهدته التساقطات المطرية خلال السنة الماضية، التي بلغ متوسطها الوطني 142 ملم، بما مجموعه 4.8 مليار متر مكعب من الواردات المائية.

وأكد بركة أن البلاد تعيش وضعا مائيا استثنائيا، إذ يسجل المغرب عجزا مائيا يقدر بـ58 في المائة، مضيفاً أن نسبة ملء السدود لا تتعدى حاليا 32 في المائة، بعدما كانت في حدود 40 في المائة في ماي الماضي، بسبب ارتفاع الطلب على مياه الشرب والاستعمال الفلاحي.

وأشار الوزير إلى أن الحكومة تواصل تنفيذ استراتيجية توسيع البنية المائية من خلال بناء السدود الصغيرة والمتوسطة، مبرزا أنه سيتم إنجاز 155 سدا صغيرا يهدف إلى الوقاية من الفيضانات وتزويد الماشية بالماء، مؤكدا أن ما ستنجزه الحكومة خلال هذه الولاية يعادل ما أُنجز منذ استقلال المملكة.

وأضاف أن الوزارة قامت بإنجاز 4221 ثقبا استكشافياً بعمق إجمالي بلغ 671 ألف متر، بمعدل تدفق وصل إلى 8889 لترا في الثانية، ليستفيد من هذا المشروع أزيد من 5 ملايين و800 ألف نسمة من سكان القرى.

وأشار إلى أن مشروع ربط حوض سبو بأبي رقراق مكن من تزويد نحو 500 ألف مواطن ومواطنة بالماء، بحجم مياه محولة تجاوز 871 مليون متر مكعب.

وشدد بركة على أن الهدف الاستراتيجي للحكومة هو ضمان الولوج الشامل إلى الماء الصالح للشرب بنسبة 100 في المائة، خاصة في المناطق القروية، مبرزا استمرار العمل على بناء سدود جديدة خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى 2025، من بينها سدود قدوسة بالراشيدية، تيداس بالخميسات، تودغا بالخميسات، أكدز وفاسك بكلميم، وسد سفرو.

وأوضح أن هناك 14 سدا في طور الإنجاز، منها 11 سدا كبيرا و4 متوسطة، إلى جانب مشاريع السدود التلية والصغيرة التي يُتوقع إنهاؤها بحلول سنة 2027، في إطار جهود الوزارة الرامية إلى تعزيز الأمن المائي بالمناطق القروية وحماية الساكنة من مخاطر الفيضانات.

وأكد على أن هذه المشاريع الكبرى تمثل خطوة غير مسبوقة في تاريخ تدبير الموارد المائية بالمغرب، مشددا على التزام الوزارة بتنفيذها وفق اتفاقيات دقيقة مع مختلف الشركاء لضمان استدامة المياه وحماية المواطنين.

ويشهد المغرب مفارقة مثيرة للقلق، إذ تتزامن أزمة الجفاف الممتدة منذ سنوات مع توسع زراعة محاصيل تستهلك كميات هائلة من الماء، وعلى رأسها البطيخ الأحمر.

هذا المحصول، الذي انتشر بشكل واسع في مناطق تعاني أصلا من ندرة الموارد المائية، مثل زاكورة وشتوكة آيت باها، أصبح رمزا لاختلال الأولويات الزراعية.

فبينما تمنع الأسر القروية من حفر الآبار لتأمين مياه الشرب، تستهلك ملايين الأمتار المكعبة من المياه لري حقول البطيخ الموجهة للتصدير، ما يفاقم الضغط على الفرشات الجوفية ويهدد الأمن المائي المحلي.

ولا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لزراعة الأفوكادو، التي تُعد من أكثر الزراعات استنزافاً للمياه، فكل كيلوغرام من هذه الفاكهة يحتاج إلى ما يقارب ألف لتر من الماء، في وقت يعيش فيه المغرب عجزا مائيا حادا، ومع توسع الاستثمارات الموجهة للتصدير، تتزايد التحذيرات من الأثر البيئي لهذه الزراعة على المدى البعيد، خاصة في المناطق الساحلية والغابوية.

ويؤكد خبراء أن الاستمرار في تشجيع هذه الزراعات الموجهة للأسواق الخارجية دون مراعاة التوازن البيئي يهدد بتقويض مجهودات الدولة في مواجهة الجفاف وضمان الأمن المائي الوطني

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى