بعد ارتفاع التساقطات بـ 85.4٪.. هل ستتوقف الحكومة عن التذرع بالجفاف لتبرير تدهور الأوضاع الاجتماعية؟

ل.شفيق-اعلام تيفي
شهد المغرب خلال الفترة الممتدة من فاتح شتنبر 2024 إلى 15 مارس 2025 ارتفاعًا ملحوظًا في معدل التساقطات المطرية، حيث بلغ متوسط الهطولات المسجلة 112 ملم، مسجلًا زيادة بنسبة 85.4٪ مقارنةً بالموسم الفلاحي السابق، الذي لم تتجاوز التساقطات خلاله 60.5 ملم. ومع ذلك، لا تزال هذه الكمية أقل من المعدل السنوي الطبيعي البالغ 137 ملم، ما يعكس استمرار التحديات المرتبطة بالأمن المائي.
تحسن الموارد المائية وتقليص العجز المطري
ساهمت هذه الأمطار بشكل كبير في تقليص العجز المطري بجميع الأحواض المائية، حيث سجل حوض كير-زيز-غريس فائضًا مائيًا منذ بداية السنة الهيدرولوجية، بفضل الأمطار الغزيرة التي شهدها الجنوب الشرقي للمغرب خلال شهر شتنبر. وعمومًا، تجاوزت التساقطات المسجلة خلال هذه الفترة ضعف المعدل المعتاد، ما كان له تأثير إيجابي على الموارد المائية وتحسين منسوب المياه في السدود والفرشات الجوفية.
أمطار استثنائية وثلوج تغطي آلاف الكيلومترات
منذ 22 فبراير 2025، شهد المغرب موجة أمطار غزيرة نتيجة ظروف مناخية شديدة الرطوبة، حيث تراوحت كميات التساقطات بين 8 ملم في طانطان و349 ملم كحد أقصى في طنجة. وسجلت مدينة شفشاون 341 ملم من الأمطار، منها 318 ملم هطلت بين 7 و15 مارس، وهو ما يعادل أكثر من ثلث المعدل السنوي. وفي إفران، بلغت التراكمات المطرية 275 ملم، أي ضعف المتوسط الشهري المعتاد.
إلى جانب الأمطار، شهدت مرتفعات الأطلس الكبير والريف تساقطات ثلجية هامة، حيث وصلت سماكة الثلوج إلى 60 سم في جبل أزوركي (أزيلال)، 40 سم في إتزر (ميدلت)، 30 سم في زاوية أحنصال وتبانت (أزيلال)، و25 سم في بويبلان. كما غطت التساقطات الثلجية الأخيرة مساحة تزيد عن 14,000 كيلومتر مربع، ما يعزز المخزون المائي في الأحواض الجبلية ويساهم في تأمين الإمدادات المائية خلال الفصول القادمة.
انعكاسات إيجابية على الفلاحة والبيئة
إضافة إلى تحسين الموارد المائية، شكلت هذه التساقطات فرصة حقيقية للقطاع الفلاحي، حيث أسهمت في انتعاش الأراضي الزراعية وتقليص العجز المطري في الأحواض المائية، مما يعزز الأمن الغذائي في البلاد. كما أن الثلوج التي غطت المرتفعات ستساهم في تجديد المخزون المائي الجوفي، وهو عامل أساسي في تأمين الإمدادات المائية خلال فترات الجفاف.
نحو استراتيجيات مستدامة لمستقبل مائي آمن
رغم التحسن الملحوظ في نسبة التساقطات المطرية هذا الموسم، تبقى التحديات المناخية قائمة، ما يستدعي تعزيز الجهود الحكومية والمجتمعية لاعتماد سياسات مائية أكثر استدامة، وتحسين تقنيات تدبير المياه لضمان الأمن المائي للأجيال القادمة. وفي ظل التغيرات المناخية المتسارعة، يبقى التكيف مع هذه التحولات أمرًا حتميًا لتأمين الموارد الطبيعية في المغرب.





