بنوال ل”إعلام تيفي”: “الشباب يعيش هشاشة بنيوية والحكومة فشلت في ترجمة الوعود “

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد الدكتور يوسف بنوال، أستاذ الاقتصاد التطبيقي، خلال استضافته في برنامج محطات، أن العنوان الأبرز للمرحلة الحالية التي يعيشها الشباب المغربي هو المعاناة موضحا أن هذه الفئة تعرف هشاشة متعددة الأبعاد، اجتماعية واقتصادية، تعكسها التقارير الرسمية الصادرة عن مؤسسات الدولة، والتي ترصد تدهور مؤشرات التشغيل والتعليم.
وأضاف بنوال أن هناك أكثر من مليون ونصف شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة خارج منظومة التعليم أو التكوين أو الشغل، وهي الفئة التي تعرف ب (NEET) وإذا أضيفت إليها الفئة العمرية ما بين 25 و35 سنة، فإن العدد يرتفع إلى حوالي أربعة ملايين شاب يعيشون بلا أفق واضح، ما يشكل خطراً حقيقياً على التماسك الاجتماعي ومستقبل التنمية.
ويرى الخبير الاقتصادي أن الشباب المغربي يعيش أزمة هوية وفرص، إذ يجد نفسه أمام طريق مسدود في مجالات التعليم والشغل والعيش الكريم، وبين أن التعليم، الذي كان في الماضي وسيلة للترقي الاجتماعي، لم يعد يؤدي هذا الدور، بسبب ضعف جودة المنظومة وغياب العدالة المجالية والاجتماعية في الولوج إلى فرص التعلم.
ودعا إلى جعل الشباب في صلب السياسات العمومية، قائلا:”المغرب يتوفر على استقرار سياسي ورؤية ملكية واضحة لبناء الدولة الاجتماعية، لكن ما ينقص هو الإرادة الحكومية للانتقال من الخطاب إلى الفعل.”
وأكد أن الشباب المغربي لم يعد ينتظر الوعود، بل يبحث عن الأمل، والعمل، والكرامة، في وطن يوفر له شروط المواطنة الحقيقية من تعليم وصحة وشغل وعدالة اجتماعية.
وقال بنوال:
“ما نخشاه اليوم هو توريث الفقر، لأن الفقير يلد فقيرا عندما تغلق في وجهه أبواب التعليم والعمل.”
وأشار إلى أن تحويل التعليم إلى سلعة يعد من أخطر القرارات السياسية، لأنه يهدد مبدأ تكافؤ الفرص ويجعل الفوارق الاجتماعية أكثر اتساعا.
وانتقد الدكتور بنوال بشدة البرامج الحكومية الموجهة لتشغيل الشباب، مثل فرصة وأوراش وانطلاقة، مؤكدا أنها لم تحقق أهدافها، لأنها بنيت على قرارات مستعجلة دون دراسة ميدانية أو رؤية استراتيجية واضحة.
وأوضح أن هذه البرامج لم تستطع خلق فرص عمل دائمة أو مشاريع مستدامة، قائلا: “كانت الغاية منها إطفاء الغضب الاجتماعي، لا معالجة الأسباب العميقة للبطالة.”
وأضاف أن الفشل يعود بالأساس إلى ضعف الكفاءة السياسية والتقنية لدى بعض المسؤولين، مشيرا إلى أن التدبير السياسي لا يمكن أن يخضع لمنطق الربح المقاولاتي، لأن القرار السياسي يجب أن يراعي الأثر الاجتماعي قبل كل شيء.
وفي حديثه عن التعليم، شدد بنوال على أن إصلاح المنظومة التربوية يجب أن يكون أولوية وطنية، لأنها المدخل الحقيقي لأي تنمية اقتصادية.
واقترح ثلاث ركائز للإصلاح؛ تطوير البرامج التعليمية والبيداغوجية لتتلاءم مع حاجيات سوق الشغل، والاستثمار في الموارد البشرية، وخاصة المدرسين، باعتبارهم حجر الزاوية في العملية التربوية، وتأهيل البنية التحتية التعليمية بما يضمن بيئة ملائمة للتعلم والابتكار.
وأكد أن الاستثمار في التعليم مكلف ماليا، لكنه مربح على المدى الطويل، لأنه يضمن الاستقرار الاجتماعي والسلم المجتمعي.
وتطرق الدكتور إلى ورش الحماية الاجتماعية والإصلاح الصحي، معتبرا أنه مشروع ملكي استراتيجي يحمل بعدا اجتماعيا وإنسانيا عميقا، لكنه شدد على أن الحكومة لم تحسن تنزيل هذا الورش وفق الجدول الزمني والخطوط الملكية المحددة.
وأشار إلى تقارير رسمية صادرة عن المرصد الوطني للتنمية البشرية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتي أكدت أن ضمان الحق في الولوج إلى الصحة يمر عبر استدامة التمويل والحكامة المؤسساتية.





