بنيس:”التحول الدبلوماسي المغربي يكرس ريادة المملكة في ملف الصحراء بعد قرار مجلس الأمن”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
شهد المغرب خلال العقدين الأخيرين تحولا دبلوماسيا عميقا مكنه من تعزيز موقعه الإقليمي والدولي في ملف الصحراء المغربية، بفضل الرؤية الاستراتيجية للملك محمد السادس، التي جعلت من الدبلوماسية أداة فعالة للدفاع عن الوحدة الترابية وترسيخ السيادة الوطنية.
هذا التراكم، وفق ما أكده سمير بنيس، المستشار الدبلوماسي السابق بالأمم المتحدة والخبير في قضايا الصحراء، توج باعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2797، الذي يمثل — بحسب تعبيره — منعطفا حاسما في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وأوضح بنيس، خلال ندوة وطنية احتضنتها العاصمة الرباط حول “50 سنة من المسيرة الخضراء ما بعد 31 أكتوبر: تكريس السيادة وترسيخ الوحدة الترابية”، أن هذا القرار يكرس نهاية الشوط الثاني من المواجهة السياسية والقانونية بين المغرب والجزائر، ويؤكد أن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 بات الحل الواقعي والدائم لتسوية هذا النزاع.
وأشار إلى أن النجاحات الدبلوماسية الأخيرة هي ثمرة عمل مؤسساتي متواصل قاده المغرب على مدى عقود، انطلق من عهد الملك الراحل الحسن الثاني ووصل إلى السياسة المتبصرة للملك محمد السادس، التي جعلت من مقاربة الاستباق والواقعية ركيزة أساسية في تدبير هذا الملف.
واستحضر بنيس الدور المحوري للملك الحسن الثاني في تحويل مسار النزاع منذ منتصف السبعينيات، حين أفشل المخطط الإسباني الرامي إلى خلق كيان مصطنع في الصحراء المغربية عبر استفتاء شكلي، مبرزا أن لجوء المغرب في غشت 1974 إلى محكمة العدل الدولية لطلب رأي استشاري حول الروابط القانونية بين المغرب والصحراء غيّر قواعد اللعبة وأجهض المشروع الإسباني.
وأضاف أن هذا التحرك الدبلوماسي الذكي جاء في وقت كانت فيه إسبانيا قد استكملت استعداداتها لتنظيم استفتاء بتواطؤ مع الجزائر، غير أن المغرب استطاع بفضل حركته داخل الأمم المتحدة أن يفرض رؤيته، ما أدى إلى صدور القرار الأممي رقم 3292 في دجنبر 1974، الذي أوقف العملية الإسبانية في انتظار رأي المحكمة الدولية.
كما نوه بنيس بدور الراحل أحمد العراقي، وزير الخارجية المغربي آنذاك، الذي نجح في بناء تفاهم سياسي مع موريتانيا مكن من تحييد مواقف معادية داخل الأمم المتحدة، ما أفضى إلى قرار أممي أنهى فعلياً محاولة مدريد فرض الأمر الواقع.
وتابع الخبير الدبلوماسي أن سنة 2007 شكلت محطة مفصلية بإقرار مجلس الأمن للقرار 1754، الذي أطلق دينامية سياسية جديدة قائمة على الواقعية والتوافق، ممهداً الطريق أمام مبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي حظيت بدعم دولي متزايد باعتبارها جادة وذات مصداقية.
وأكد بنيس أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سنة 2020 لم يكن مجرد موقف رمزي، بل قرار استراتيجي من قوة عظمى رأت منذ ثمانينيات القرن الماضي أن الحل الوحيد للنزاع يكمن في إطار السيادة المغربية، وهو ما عزز الموقف التفاوضي للمملكة ودفع عدداً من الدول، كإسبانيا وفرنسا وبريطانيا، إلى إعلان دعمها الصريح للمبادرة المغربية.
وأشار إلى أن فتح عشرات القنصليات في مدينتي العيون والداخلة منذ 2019 يعكس التحول العميق في الموقف الدولي، في ظل غياب أي اعتراض من الأمم المتحدة، ما يؤكد أن العالم بات يتعامل مع الصحراء كجزء لا يتجزأ من التراب المغربي.
وفي ما يتعلق بالبعد الإفريقي، أبرز بنيس أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 كانت خطوة استراتيجية أنهت مرحلة استغلال الجزائر لغياب المملكة عن المنظمة القارية، إذ مكنت المشاركة المغربية الفاعلة من سحب الملف من أيدي خصوم الوحدة الترابية، مشيرا إلى أن دولا محورية مثل نيجيريا أعادت النظر في مواقفها بعد الزيارات الملكية رفيعة المستوى.





