بوانو: أسعار الأدوية المستوردة تباع بأضعاف ثمنها.. من يلتهم الفارق؟

حسين العياشي

أثار النائب البرلماني عبد الله بوانو عاصفةً من الأسئلة حول هوامش أرباح شركات استيراد الدواء، بعدما قدّم مثالًا صارخًا لعلبة دواء تُستورد من الهند بحوالي درهمين ونصف، ثم تُباع في الصيدليات المغربية بما لا يقل عن خمسين درهمًا. المفارقة الفادحة في السعر، كما عرضها بوانو، تحوّلت إلى مدخل لنقاشٍ أوسع حول بنية السوق الدوائية ومن يستفيد فعليًا من حلقاتها.

وجاءت مداخلة بوانو خلال مناقشة المادة الرابعة من مشروع قانون المالية لسنة 2026، وهي المادة التي تقترح إجراءات جمركية جديدة تخص استيراد الأدوية. هذه النقطة تحديدًا أشعلت، على مدى الأسابيع الأخيرة، سجالًا حادًا بين الحكومة والبرلمان، وسط اتهامات بـ«تشريع على المقاس» يخدم لوبيات نافذة داخل القطاع. في هذا السياق، انتقد بوانو ما وصفه بتضاربٍ صارخٍ للمصالح داخل الجهاز التنفيذي، ملمحًا إلى وجود أعضاء في الحكومة يستثمرون في سوق الدواء، ومتسائلًا عن الأطراف التي ستجني ثمار التعديلات التي تمس مباشرة منظومة التسعير وهوامش الربح.

وتوسّع البرلماني في تشريح خريطة الفاعلين، لافتًا إلى أنّ بعض الشركات التي تُصنّع محليًا تمارس في الوقت نفسه نشاط الاستيراد، لأن «الربح الحقيقي يوجد في الاستيراد لا في التصنيع»، على حد تعبيره. من هنا، يَظهر أنّ التداخل بين الحلقات الإنتاجية والتجارية يخلق ميزان قوى مختلًّا يُبقي المستهلك الحلقة الأضعف، ويضع الصيدلي والمصنّع أمام معادلةٍ غير متكافئة.

وعبّر بوانو عن أسفه لما اعتبره غياب إرادةٍ حكوميةٍ للتفاوض بشأن مراجعة الأسعار بما يحقق التوازن بين الصيدلي والمصنّع والمستهلك، محذرًا من أنّ استمرار الوضع الراهن يكرّس تفاوتًا فاحشًا ويهزّ ثقة المواطنين في السياسة الدوائية للدولة. فالمشكلة، برأيه، لم تعد مجرد أرقامٍ في قوائم الأسعار، بل أزمة ثقةٍ في مسار تنظيم السوق وأولويات الإصلاح.

في المقابل، تؤكد الحكومة أنّ هدف الإجراءات المقترحة هو «تحسين تنافسية السوق وضمان جودة الأدوية»، فيما تتعالى أصوات المعارضة مطالِبةً بالكشف عن المستفيدين الحقيقيين من المنظومة الجمركية المرتقبة. وبين اتهاماتٍ متبادلة وتطميناتٍ رسمية، تستعد لجنة المالية لمواصلة مناقشة المادة الرابعة خلال الأيام المقبلة، في اختبارٍ جديد لمدى قدرة التشريع على موازنة كلفة العلاج مع متطلبات الاستثمار وجودة الدواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى