بوريطة بعد قرار 2797: الحكم الذاتي لم يعد خياراً.. إنه الحل

حسين العياشي
خرج وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة إلى شاشة التلفزيون العمومي، ليضع قرار مجلس الأمن 2797 في سياقه السياسي: تتويج ستةٍ وعشرين عاماً من عمل دبلوماسي قاده الملك محمد السادس بنَفَس طويل، ونتيجة مسارٍ أراد إغلاق باب الالتباس وفتح مسارٍ وحيد للحل يقوم على مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. لم يكن التصويت، في روايته، لصالح نص أممي فحسب، بل تصويتاً لفكرة المغرب عن نفسه وللرصيد الذي راكمه الملك في علاقاته الدولية.
من زاوية المضمون، يؤكد بوريطة أن القرار سمّى الأطراف المعنية من دون مواربة: المغرب، جبهة البوليساريو، الجزائر، وموريتانيا، ورسم أدواراً أكثر وضوحاً لبعثة المينورسو محصورَة في الإسناد للمسار السياسي بعيداً عن وهم الاستفتاء. والأهم، في نظره، أن النص الأميركي أحال إلى مبادرة 2007 مراراً وثبّت الحكمَ الذاتي بوصفه «الحل» لا مجرد احتمال، بل وحدّد أفقاً زمنياً بعام واحد للتوصّل إلى اتفاق نهائي. بهذه الصياغة، ينتقل الملف من إدارة الأزمة إلى صناعة الحل.
على الأرض، يقدّم الوزير ما يعتبره الدليل الملموس على هذا التحوّل: أكثر من تسعين دولة تساند المقترح المغربي، وقنصليات تتكاثر في العيون والداخلة كعلامات اعتراف سياسي عملي. وبالتوازي، يعلن عن ورشة تحديث لمبادرة 2007 بما ينسجم مع دستور 2011 وخيارات الجهوية المتقدمة، حتى يترجم الحكم الذاتي معنى «تقرير المصير» عبر تمثيل ديمقراطي لسكان الأقاليم الجنوبية ضمن السيادة والوحدة.
لا يفصل بوريطة بين لحظة التصويت وسنوات التمهيد. يتحدث عن «ثبات» هو رأس مال الدبلوماسية المغربية: خطاب واحد في كل العواصم، من واشنطن وباريس ومدريد ولندن إلى عواصم إفريقية وعربية، ومعه توازن في العلاقات مكّن الرباط من بناء ثقة نادرة. القرار، كما يصفه، لم يهبط من السماء، بل جاء امتداداً لسياسة تراكمية جعلت مبادرة الحكم الذاتي «القاعدة الجدية والواقعية والعملية» لأي تسوية.
في الجوار القريب، يرفض الوزير فكرة الوساطة بين الرباط والجزائر. «لا حاجة لوسطاء» يقول، فالحوار المباشر هو الطريق الأقصر والأهدأ. اللحظة في رأيه ليست للاحتفال الصاخب، بل لالتقاط فرصة لبناء ثقة متبادلة، ولفتح نافذة أمل على تسوية دائمة تليق بشعوب المنطقة. اليد الممدودة، كما يكرر، سياسة ثابتة لا تُسقِط حقوق المغرب ولا تُقصي أحداً عن طاولة الحل.
هكذا يرسم بوريطة مشهد اليوم التالي: سيادة مثبتة في قرار أممي، مسار تفاوضي بمساطر أوضح، ومبادرة حكم ذاتي تتقدّم من خانة «الاحتمال» إلى خانة «الحل». أما العنوان العريض كما ختم، فهو بداية مرحلة جديدة يبقى معيار نجاحها قدرةُ الأطراف على التقاط اللحظة وتحويلها اتفاقاً عملياً في الأجل الذي حدده القرار.





