بوريطة يشرح امتناع باكستان: خلفيات جيوسياسية تتجاوز حدود الصحراء

حسين العياشي
اعتبر وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن امتناع باكستان عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن قضية الصحراء لم يكن موقفاً معادياً للمغرب، بل انعكاساً لحسابات إقليمية معقدة تتعلق بقضية كشمير. وأوضح في مقابلة مع القناة المغربية الثانية (2M) أن الموقف الباكستاني مرتبط بالنزاع القائم حول الإقليم المتنازع عليه بين باكستان والهند والصين، حيث تدافع إسلام آباد عن مبدأ إجراء استفتاء لتقرير المصير في كشمير، فيما تصر نيودلهي على سيادتها الكاملة عليه.
بهذا التوضيح، سعى بوريطة إلى تهدئة الجدل الذي أعقب امتناع باكستان عن التصويت، وهو الموقف الذي أثار استغراباً واسعاً داخل الأوساط المغربية، واعتُبر لدى البعض انحيازاً ضمنياً ضد مصالح الرباط. لكن الوزير شدد على أن قراءة القرار الباكستاني خارج سياقه الإقليمي ستكون مجحفة، فالدول –على حد تعبيره– لا تتحرك في فراغ، بل وفق توازنات دقيقة ومصالح متشابكة.
وفي خلفية هذا السجال، تبرز تعقيدات أعمق تحيط بتركيبة مجلس الأمن الدولي ذاته. فقد وصف بوريطة الوضع الحالي في المجلس بأنه “شديد التعقيد”، بسبب تداخل المواقف وتناقض الحسابات بين القوى الكبرى والدول الإقليمية المؤثرة، وعلى رأسها الجزائر التي تُعدّ طرفاً محورياً في نزاع الصحراء. ومع محدودية حلفاء المغرب داخل المجلس، بدت مهمة الدفاع عن مقترح الحكم الذاتي تحدياً دبلوماسياً حقيقياً.
ورغم هذه الظروف الصعبة، نجح المغرب في تمرير قرار جديد يدعم مبادرته للحكم الذاتي، حاز تأييد أحد عشر بلداً، مقابل امتناع ثلاث دول عن التصويت. خطوة تُحسب للديبلوماسية المغربية التي واصلت تعزيز حضورها في المحافل الدولية رغم التشابكات السياسية المحيطة بالقضية.
وهكذا، تكشف تطورات ملف الصحراء في مجلس الأمن عن توازنات دقيقة بين النزاعات الإقليمية والمصالح الدولية، حيث تتقاطع كشمير بالصحراء في صورة أوسع لصراعات القرن الحادي والعشرين. في هذا المشهد المترابط، لم تعد القرارات الأممية مجرد مواقف قانونية، بل مرايا تعكس معارك النفوذ وموازين القوى التي تُعاد صياغتها بصمت خلف الأبواب المغلقة.





