بين أرقام الوزير وواقع الحقول… من يستفيد فعلا من الدعم الفلاحي في المغرب؟

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

في رد دفاعي وصفه البعض بالخطاب التصحيحي، نفى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، بشدة الاتهامات التي تقول إن الدعم الفلاحي يذهب في الأساس إلى كبار الفلاحين، مؤكدا عكس ذلك تماما، مشددا على أن الفلاحين الصغار والمتوسطين هم الفئة التي تستفيد أكثر من برامج الوزارة.

خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب يومه الاثنين، أعلن الوزير أن الدعم المخصص للماشية موجه بالأساس إلى الكسابة الصغار في الجبال والمناطق الهشة، وأنهم يشكلون 90% من المستفيدين وليس المهنيين.

بحسبه، فقد تم صرف 3 مليارات درهم خلال 15 يوما فقط لصالح الفلاحين، وهو رقم وصفه بغير المسبوق، مع تأكيد أن عمليات الصرف ستتواصل في الأسابيع المقبلة.

وكشف البواري أن وزارته ستكثف المراقبة على سوق الأعلاف لكي تصل إلى الكساب الصغار بأسعار مناسبة، مضيفا أن 714 ألف مربي استفادوا من الدعم في الدفعة الأولى، التي شملت أيضا منحة قدرها 100 درهم لكل أنثى من الأغنام أو الماعز.

وأشار إلى فتح مصالح الوزارة لاستقبال شكايات المربين وتحويلها إلى لجان محلية بإشراف الولاة والعمال، بالإضافة إلى تخصيص مركز اتصال خاص لتلقي ملاحظات الكسّابين.

لكن هذا الحديث الرسمي يثير الكثير من التساؤلات، لا سيما في ظل أزمة الجفاف التي يعاني منها القطاع الفلاحي المغربي منذ سنوات، فبحسب تقرير من المؤسسة الدولية لإدارة المياه، فإن العديد من الفلاحين التقليديين، الذين يشكلون غالبية الفلاحين الصغار، يعتمدون على الزراعة المطرية وليس لديهم وصول جيد إلى تقنيات الري أو التمويلات الحديثة، مما يجعلهم أكثر هشاشة في مواجهة نقص المياه.

وعلى الرغم من أن وزير الفلاحة يقول إن حصة ري الفلاحين تقلصت بسبب ندرة المخزون المائي، فإن هذه التقييدات تأتي في وقت ترتكب انتقادات بأن السياسات الحكومية تشجع الزراعة المكثفة للمحاصيل التي تستهلك الكثير من الماء، ما يفاقم الضغوط على الموارد المائية.

من جهة أخرى، ورغم تصاعد الدعم الرسمي للفلاحين، هناك من يرى أن آليات المنح والإعانات لا تصل فعليا إلى من هم في أمس الحاجة إليها، وأنها تذهب إلى أصحاب المشاريع الكبيرة الذين لديهم قدرة أكبر على التعامل مع البيروقراطية وتعميق الاعتماد على الري المكثف.

منظمة حقوقية نقلت شهادات فلاحين قالوا إن الدعم لا يناسب قدراتهم، وأن الاشتراك في مشاريع الدعم يتطلب موارد كبيرة ومعرفة تقنية؛ ما يجعل الفلاح الصغير يتخلى عن هذه المسارات ويركز على الزراعة التقليدية أو يغادر الفلاحة كليا.

كما أن الواقع الاقتصادي للقطاع يعكس هشاشة كبيرة من الجفاف المتكرر وتقلص الأراضي المزروعة بسبب ندرة المياه أديا إلى تقلص فرص العمل الزراعي، خاصة أن الزراعة بالمغرب تشغل شريحة واسعة من الفلاحين غير المندمجين بشكل جيد في السوق.

في هذا السياق، إعتبر مراقبون أن تصريحات الوزير تُاد بها إعادة رسم صورة الحكومة كداعم للفلاح الصغير والمتوسط، لكن الواقع – وفق تحليلات عديدة – يشير إلى أن الأزمة المائية والفلاحية أعمق من مجرد ضخ الدعم المالي، وأن هناك حاجة إلى مراجعة شاملة لسياسات الري، لتوزيع أكثر عدالة للمياه، ولآليات دعم تراعي الفجوة الكبيرة بين الفلاحين الصغار والفلاحين الصناعيين أو التصديريين.

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى