بين الاستقرار والفرص الاستثمارية: لماذا يضع العالم أنظاره على المغرب؟

حسين العياشي
خصصت المجلة النمساوية الرائدة في الأوساط الدبلوماسية والاقتصادية، “Cercle Diplomatique”، عددها الخاص بفصل الخريف (سبتمبر-نوفمبر) لتسليط الضوء على المغرب، معتبرة إياه “جسرًا ديناميكيًا بين أوروبا وإفريقيا” بفضل دينامية التحديث التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والموقع الاستراتيجي للبلاد على صعيد القارة الأوروبية والأفريقية.
وأشارت المجلة في افتتاحيتها إلى استثمارات المملكة المكثفة في التعليم، والبنية التحتية، والتنمية المستدامة، مؤكدة أن المغرب يفتح آفاقًا جديدة للحوار بين القارات، لا سيما مع استضافته لكأس العالم 2030 بالتشارك مع إسبانيا والبرتغال.
واعتبرت المقالات الرئيسية أن المغرب شريك موثوق للاتحاد الأوروبي، غني بالفرص الاقتصادية ويمتلك مقومات استثنائية. وذكرت أن تنظيم كأس العالم سيعكس الاستقرار وقوة المملكة، كما أبرزت الإصلاحات العميقة التي تم تنفيذها في التعليم، والبنيات التحتية، والتكنولوجيات الحديثة، تحت قيادة الملك محمد السادس.
ولفتت المجلة إلى أن المجتمع المغربي شاب، وأن الاهتمام بالتكوين والتعليم وربط التعليم بسوق الشغل يمثل أولوية، كما أضاءت على التحولات في قطاع الطاقة، مشيرة إلى هدف المغرب إنتاج 52% من الطاقة من مصادر متجددة بحلول 2030 عبر مشاريع في الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر.
وفي الجانب الاقتصادي، أبرزت المجلة تقدم المغرب في صناعة السيارات، معتبرة المملكة أول منتج للسيارات في إفريقيا بطاقة إنتاجية تصل إلى مليون سيارة سنويًا، مع تطوير سلسلة واعدة للبطاريات ومكونات السيارات الكهربائية بالاستفادة من الاحتياطات الكبيرة للكوبر.
وعلى الصعيد الثنائي المغربي-النمساوي، سجلت المجلة أن النمسا تحتل المرتبة العاشرة بين شركاء المغرب التجاريين، مع تبادل تجاري بلغ نحو 600 مليون يورو في 2024، كما ارتفعت صادرات النمسا نحو المغرب بنسبة 16% لتصل إلى 238 مليون يورو. وأشارت إلى أن عام 2023 شهد نقطة تحول مهمة في العلاقات بين الرباط وفيينا، مع زيارة المستشار النمساوي السابق كارل نهامر، وما تلاها من زيارات رفيعة المستوى أسست لفصول جديدة في التعاون البرلماني والقضائي بين البلدين.
وسلطت المجلة الضوء على دعم النمسا للإصلاحات الجارية في المغرب، خاصة في مجالات الحوكمة، وتمكين المرأة، والجهوية، والأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، معتبرة أن الشراكة بين البلدين دخلت مرحلة جديدة ترتكز على الاحترام المتبادل والتوافق الاستراتيجي وثقة متزايدة.
أما على الصعيد الأوروبي، فأكدت المجلة أن شراكة المغرب مع الاتحاد الأوروبي من بين الأكثر تقدمًا وتنظيمًا، مشيرة إلى إعلان 2019 المشترك حول “شراكة الازدهار المشترك”، المبنية على أربعة ركائز: تقارب القيم، التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حرية التنقل، والحوار السياسي والأمني. كما أشادت بتوقيع المغرب والاتحاد الأوروبي في 2022 أول “شراكة خضراء” مع دولة ثالثة، واصفة إياها بالخطوة التاريخية في التعاون الطاقي والبيئي.
ولم تغفل المجلة الدور السياحي الحيوي للمغرب، مشيرة إلى استقبال المملكة 5.7 ملايين زائر خلال الأربعة أشهر الأولى من 2025، بزيادة 23% مقارنة بالفترة نفسها من 2024. واعتبرت المغرب من بين أكثر الوجهات العالمية ديناميكية، بفضل تنوع عروضها السياحية بين المدن الإمبراطورية، وجبال الأطلس، وصحراء الساحل، وشواطئ الأطلسي الممتدة.
واختتمت المجلة بالتأكيد على أن المغرب ليس مجرد جارة موثوقة، بل لاعب استراتيجي وجسر بين أوروبا وأفريقيا يسهم في الاستقرار الإقليمي، ونشرت مقابلة مع السفير المغربي في النمسا، عز الدين فرحان، ركزت على العلاقات الثنائية، وجاذبية المغرب الاقتصادية والسياحية، وقيم الحوار والتعاون الدولي التي لطالما دافع عنها المغرب.





