الموسم الفلاحي في اختبار صعب: الدعم محدود والتقلبات المناخية تهدد الإنتاج

حسين العياشي
انطلق المغرب من إقليم العرائش في موسمه الفلاحي الجديد، محمّلًا بوعود كبيرة وسط تحديات مستمرة لا يخفى أثرها على الفلاحين، من ندرة المياه إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وتقلبات المناخ التي تبدو وكأنها تُنذر بعام صعب آخر على الأرض. اختار وزير الفلاحة إعطاء الانطلاقة الرسمية يوم 14 نونبر بأربعاء عياشة، في حدث شعاره التفاؤل بالحذر، لكن الواقع على الأرض يكشف هشاشة القطاع أمام هذه التحديات المتراكمة.
في كلمته، ركّز الوزير على نجاح الموسم الماضي، الذي سجّل إنتاج 43 مليون قنطار من الحبوب وتحسنًا في الأشجار المثمرة، لكن هذه الأرقام، رغم كونها ملفتة، لا تخفي معاناة الفلاحين الذين ظلوا يعانون من شحّ الدعم وضعف القدرة الشرائية، الأمر الذي يجعل الإنجازات أكثر هشاشة مما يتم تصويره إعلاميًا.
الوزارة جهزت الموسم الحالي بحزمة من الإجراءات، تشمل تعبئة مليون ونصف قنطار من البذور المختارة، و650 ألف طن من الأسمدة الفوسفاطية المدعمة، إضافة إلى برامج الزرع المباشر والتقنيات الحديثة. لكن هذه التدابير، رغم أهميتها، تبدو محدودة أمام حجم التحديات الحقيقية، خاصة أن الاعتماد على برامج الزرع المباشر لا يغطي سوى نسبة ضئيلة من الأراضي، وموارد المياه اللازمة تظل مقيدة بما لا يزيد عن 8% من مخزون السدود، وهو ما يضع مصير الموسم الزراعي في خطر إذا ما شهد أي نقص إضافي في التساقطات.
على مستوى الحماية والتمويل، يغطي التأمين الفلاحي مليون هكتار من الحبوب والبقوليات، و50 ألف هكتار من أشجار الفواكه، بينما يواصل صندوق التنمية الفلاحية دعم المكننة والسقي الموضعي. غير أن هذه البرامج، رغم ضخامة الميزانيات، لم تعد كافية لمواجهة تدهور القدرة الشرائية للفلاحين وصعوبة الحصول على تمويل حقيقي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ما يضع تساؤلات حول جدوى الدعم المعلن وأثره الفعلي على الأرض.
ويأتي مشروع إعادة تكوين القطيع، بميزانية 12,8 مليار درهم، ليكشف تناقضًا آخر: رغم ضخ هذه المبالغ الهائلة، يبقى الكثير من الفلاحين الصغار خارج دائرة الدعم المباشر، ويعتمدون على إجراءات بيروقراطية معقدة للحصول على أي مساعدة. الإحصاء الوطني للقطيع، رغم دقته، لا يغيّر حقيقة أن توزيع الموارد لا يزال بعيدًا عن العدالة والكفاءة.
أما التساقطات الأخيرة، فمع أنها تمنح فسحة من التفاؤل، فإن الاعتماد عليها وحدها يعكس هشاشة الاستراتيجيات الزراعية الحالية، ويؤكد أن القطاع ما زال يعتمد على عوامل خارجية بدلاً من استراتيجيات مستدامة لتجاوز أزمة المياه والتقلبات المناخية.
في النهاية، يبرز الموسم الفلاحي الجديد وكأنه اختبار حقيقي لقدرة الوزارة على الانتقال من الشعارات والتصريحات إلى إصلاحات حقيقية ومستدامة، تتجاوز الدعم المؤقت والتوزيع غير العادل، نحو منظومة زراعية قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمناخية وتحقيق الأمن الغذائي بشكل فعلي، لا مجرد وعود إعلامية.





