بين القانون والميدان: كيف تضمن النيابة العامة حقوق الأطفال في وضعية الهجرة؟

حسين العياشي
في إطار سعي النيابة العامة للارتقاء بحماية حقوق الأطفال في وضعية الهجرة، تأتي مبادرة إصدار الدليل الإجرائي النموذجي للتكفل بهؤلاء الأطفال كخطوة هامة في تعزيز الإطار القانوني والتنفيذي لضمان حقوقهم وحمايتهم. هذه المبادرة لا تقتصر فقط على معالجة مسألة الهجرة، بل تهدف إلى خلق منظومة متكاملة تُسهم في تأمين المصلحة الفضلى للطفل، وتقديم الدعم الضروري لهم في مرحلة حاسمة من حياتهم.
منذ سنوات، أصبح المغرب نقطة عبور رئيسية للأطفال المهاجرين غير المصحوبين، الذين يواجهون مخاطر كبيرة تتراوح بين الاستغلال، والإيذاء، والتعرض لحالات من الإهمال. هؤلاء الأطفال الذين غالبًا ما يُتركون دون حماية أو رعاية، بحاجة إلى تدخل سريع وفعّال لضمان حقوقهم وتوفير حياة آمنة لهم. في هذا السياق، أصدرت النيابة العامة هذا الدليل الإجرائي النموذجي ليكون مرجعًا حيويًا وموجهًا لكافة الجهات المعنية في عملية التكفل بهؤلاء الأطفال.
تُعد هذه المعايير التي وضعتها النيابة العامة خطوة مبتكرة تتماشى مع المعايير الدولية في حماية الأطفال، حيث تضع في اعتبارها حاجة هؤلاء الأطفال إلى رعاية قانونية، اجتماعية، وصحية متكاملة. تتضمن هذه الإجراءات توفير الحماية الفورية للأطفال المهاجرين في جميع مراحل احتكاكهم بالسلطات المغربية، بدءًا من وصولهم إلى الأراضي المغربية وصولًا إلى مراحل إعادة التأهيل، في حال كان ذلك ضرورياً.
لكن رغم هذه الجهود، فإن التحديات لا تزال قائمة. من أبرز هذه التحديات صعوبة التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بتوفير الرعاية للأطفال المهاجرين، بالإضافة إلى النقص الواضح في الموارد المخصصة لهذه الفئة الضعيفة. هذا الأمر يتطلب استجابة متكاملة وتعاونا وثيقا بين مختلف الجهات الفاعلة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
وفي هذا السياق، تظل النيابة العامة تمثل المحور الرئيسي الذي ينظم هذا الجهد الوطني، عبر الإشراف على تنفيذ هذه المعايير وضمان تطبيقها بشكل يراعي مصلحة الأطفال في المقام الأول. ومن خلال ذلك، تسعى النيابة العامة إلى ترسيخ مفهوم العدالة الاجتماعية وحماية حقوق الأطفال، بما يتماشى مع التزامات المملكة المغربية الدولية في هذا المجال.
وفي الختام، يُظهر إصدار هذا الدليل من قبل النيابة العامة حرص الدولة المغربية على تقديم حلول قانونية وإنسانية لحماية الأطفال في وضعية الهجرة. إن تطبيق هذه المعايير الإجرائية النموذجية يمثل خطوة نحو تأمين بيئة آمنة ومستدامة للأطفال المهاجرين، مما يعكس التزام المملكة المغربية بتوفير الحماية اللازمة لأضعف الفئات في المجتمع، وهو ما يعد بمثابة مدخل حقيقي لتحقيق العدالة والحقوق لكافة الأطفال على الأراضي المغربية.