ولد الرشيد يحسم في ملف صفقة مشبوهة ويواصل تنظيم زيارات الوفود الأجنبية للعيون

حسين العياشي
منذ انتخابه رئيسًا لمجلس المستشارين، شرع محمد ولد الرشيد في مسار إصلاحي واضح لإعادة بناء صورة الغرفة الثانية للبرلمان المغربي، من خلال فرض رقابة صارمة على كل الصفقات والمشاريع، وتخليق العمل البرلماني، وتطبيق التوجيهات السامية لتعزيز الشفافية والمساءلة، كما جاء في رسالة جلالة الملك محمد السادس الموجهة إلى المشاركين في الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان.
وفي هذا الإطار، قامت مصادر مطلعة بتسليط الضوء على خطوات جريئة اتخذها ولد الرشيد منذ توليه رئاسة المجلس، كان أبرزها فسخ صفقة تأمين “ريعية” قيمتها ملياري سنتيم، كانت مخصصة لأحد المستشارين عن حزب الاستقلال، وأُبرمت في عهد الرئيس السابق، النعم ميارة، بعد أن تبين وجود تضارب مصالح واضح ومستفيد مباشر من الصفقة. ورغم أن جميع الأطراف المعنية ينتمون إلى نفس الحزب، إلا أن هذا لم يمنع ولد الرشيد من القيام بواجبه، وعدم حماية هذه الممارسات، مما أبَان عن حسه المسؤول وتجرده من كل أشكال الانتهازية.
وحسب المصادر ذاتها، فقد حصل المستشار المستفيد انذاك، على نسبة 10 في المائة من قيمة الصفقة، أي ما يعادل 200 مليون سنتيم سنوياً، مقابل وساطته التي شملت التأمين على الموظفين والسيارات والمستشارين البرلمانيين، مع إضافة تجهيزات للمبنى لرفع غلافها المالي، وهو ماأثر على سمعة المؤسسة البرلمانية وأدى إلى تدهور صورة المجلس لدى الرأي العام.
ولردّ الاعتبار للمؤسسة الدستورية التي يرأسها، تفاعل ولد الرشيد مع هذه التجاوزات بحزم، فقد قرر فسخ العقد مع الشركة المعنية، وفتح طلب عروض جديد يتيح لكل شركات التأمين المنافسة ضمن شروط شفافة وعادلة، مع ضمان أفضل العروض المالية وحماية المال العام من أي مظاهر للريع أو التسيب.
كما أصدر قرارًا بوقف التعامل مع شركة الوساطة التي يملكها المستشار المستفيد، لتأكيد التزامه الكامل بإصلاح المنظومة وضمان نزاهة الصفقات داخل البرلمان.
إن جهود ولد الرشيد في ربط المسؤولية بالمحاسبة وتخليق الحياة البرلمانية، تمثل تجسيدًا حيًا للتوجيهات الملكية السامية، وتؤكد أن البرلمان قادر على ممارسة رقابته بكفاءة وشفافية.
وقفة الصفقة المثيرة للجدل وإعادة فتح طلب عروض تنافسية، يعكس حرص الرئيس على حماية المال العام، وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسساتهم التشريعية، وإرساء قاعدة متينة لممارسة الديمقراطية التمثيلية والتشاركية.
ولا يقتصر الدور الإصلاحي للرئيس على الجانب المالي والإداري، بل يمتد أيضًا إلى خدمة القضية الوطنية الأولى للمملكة، الوحدة الترابية، وتعزيز التنمية الجهوية. ففي كل لقاء له مع الوفود الأجنبية، يحرص محمد ولد الرشيد على تنظيم زيارات ميدانية للأقاليم الجنوبية، لتمكين الضيوف من معاينة الإنجازات التنموية على أرض الواقع، وفهم مدى التزام المغرب بتنمية مناطقه الجنوبية وحماية وحدته الترابية، وهو ما نال استحسان الوفود التي شهدت عن قرب نجاح السياسات التنموية المغربية.
وفي خضم هذا المسار الإصلاحي، يؤكد محمد ولد الرشيد أن ما يقوم به ليس مجرد إجراءات إدارية، بل مشروع شامل لإعادة بناء صورة مجلس المستشارين، وترسيخ ثقافة النزاهة، وخلق نموذج يُحتذى به في تخليق العمل البرلماني بالمغرب، مع التأكيد على أن الالتزام بالشفافية والمصلحة العامة يمثل الخيار الاستراتيجي لتحقيق الديمقراطية الفعالة وتعزيز الثقة في مؤسسات الدولة.





