بين القول والفعل تبقى المدرسة حقلا لتجارب الوزراء المتعاقبين

 

بشرى عطوشي

وزير التربية الوطنية سعد برادة الذي ظل ساكتا طيلة الأيام التي عرفت حراكا قبيل افتتاح الدورة الخريفية يوم الجمعة الماضي، خرج في مقابلة صحافية ليطمئن خريجي الكليات والمعاهد أنه سيتم مراجعة الحد الأقصى لسن الالتحاق بالمهنة (30 عامًا).

وأوضح أن هذه النقطة “قيد المراجعة والدراسة حاليًا، وسيتم اتخاذ القرار النهائي قبل نشر نتائج مسابقات التدريس”.

 

الوزير أوضح أيضًا أن الميزانية المخصصة للتعليم ستصل إلى 97 مليار درهم في مشروع قانون المالية لعام 2026، مؤكدًا أنه “لا إصلاح ممكن دون تعبئة كافية للموارد المالية”.

وعلاوة على ذلك، ورغم الفجوة بين الاستثمارات وأداء النظام التعليمي، يرى الوزير برادة أن المغرب يحتل الآن المرتبة السادسة عشرة عالميًا من حيث الموارد المالية المخصصة للتعليم.

وهذا أيضا يطرح التساؤل حول غياب الأثر الملموس لهذه الميزانيات الضخمة التي صرفت.

وفيما يتعلق بالجدل الدائر حول معيار السن، صرّح الوزير بأن دراسات وزارته تُظهر أن أكثر من 80 في المائة من المقبولين في المسابقات هم دون سن 25 عامًا، بينما لا يمثل المترشحون الذين تبلغ أعمارهم 29 عامًا سوى 4 في المائة.

وأكد أن مراجعة الحد الأدنى للسن ستُدمج في المسابقة المقبلة، التي ستُتيح 20 ألف منصب في قطاع التربية والتكوين، وسيتم الإعلان عن القرار قبل نشر إعلان المسابقة، المقرر إجراؤه في أكتوبر.

في ظل ما صرح به الوزير، يبدو أن تأهيل القطاع في نظره يعتمد على الميزانيات الضخمة وليس على البرامج القابلة للتنفيذ، كتأهيل العنصر البشري، وإعطاء التلميذ قيمته وإنسانيته، خصوصا في العالم القروي، حيث يجد بعضهم نفسه في مدارس بدون أسقف، أو أبواب، أو تدفئة، أو حتى مراحيض، ولا كراسي ولا طاولات.

السياسة المجالية التي تنهجها القطاعات غير منصفة وغير متوازنة، جعلت من بعض المناطق المغربية تدخل في خانة النسيان، حتى وجدت المدن الكبرى والرئيسية نفسها ضحية هجرة قروية، فأصبحت القرى خاوية على عروشها، والحواضر تئن تحت العشوائية والقطاع غير المهيكل، والغلاء الفاحش في الكراء، وضعف القدرة الشرائية.

اختلالات المدرسة العمومية التي تم تهميشها على حساب المدارس الخاصة، هي نابعة من مخططات سابقة وبرامج فاشلة، صرفت من أجلها الملايين لا بل الملايير من الدراهم، ولم تؤت أكلها.

وظلت المدرسة العمومية والتلاميذ بها سواء بالحواضر أو القرى حقل تجارب على مدى سنوات عدة، ولأن الوزراء على تعاقبهم بالوزارة المعنية لكل منهم رؤيته ومخططه و تجاربه، ويبقى التلاميذ والأساتذة الشباب هم الحلقة الأضعف وهم من يدفعون ثمن سنوات من التجارب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى