بين الماضي الزاهر والحاضر المهترئ.. شوارع مكناس في خراب لا ينتهي

حسين العياشي
أصبحت الحفر وأضرار المركبات مشهدًا يوميًا، في مدينة مكناس، نتيجة أشغال الربط بشبكات الإنترنت والهاتف التي تنفذها مقاولات خاصة بتفويض من شركات الاتصالات. حتى الشوارع حديثة التأهيل، التي كلفت ملايين الدراهم من المال العام، لم تسلم من هذا الخراب، في غياب أي رقابة فعلية من طرف الجماعة المحلية، التي تمنح التراخيص دون متابعة دقيقة لتنفيذ شروط السلامة وإعادة الشارع إلى حالته الأصلية.
رغم تحذيرات نائب رئيس جماعة مكناس السابق، محمد البوكيلي، الذي هدد بعدم الترخيص لمثل هذه الأشغال، ما لم تلتزم الشركات بإصلاح الأضرار، لم تُتخذ أي إجراءات ملموسة، تاركة المواطنين يتحملون عواقب العبث المباشر على سياراتهم وحياتهم اليومية. المشهد لم يستثنِ شوارع رئيسية كشارع الجيش الملكي، ما يبرز ضعف تطبيق المعايير مقارنة بمدن أخرى مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش وأكادير، حيث تُفرض شروط صارمة قبل أي ترخيص.
الواقع حسب المحللين، يظهر أن الخلل لا يقتصر على الجانب التقني فحسب، بل يتعداه إلى الإدارة والتسيير؛ إذ يفتح منح التراخيص دون رقابة حقيقية المجال أمام شركات الاتصالات للتصرف بمعزل عن المسؤولية، محولة الأشغال من خدمة للجمهور إلى مصدر دائم للأضرار والخسائر.
مدينة مكناس، التي كانت في الماضي عاصمة ثقافية وتاريخية تزخر بالحياة والجمال، تعيش اليوم أوضاعًا مزرية تتجلى في شوارعها المهترئة وبنيتها التحتية المتدهورة، وضعف الخدمات العامة، وانتشار الحفر والأضرار الناجمة عن الأشغال العشوائية. لقد بات الحنين إلى ماضيها المشرق أكثر من مجرد شعور؛ فهو شهادة على غياب التخطيط الجاد والإدارة الفعالة التي يمكن أن تعيد للمدينة هيبتها ومكانتها، وتجعل حاضرها يليق بماضيها العريق.





