تأثير الخلافات الحزبية على تدبير الشأن العام يبرز الحاجة إلى إصلاحات جذرية

خديجة بنيس: صحافية متدربة

يبدو أن المشهد السياسي في بلادنا يواجه تحديات كبيرة تعكسها الاختلالات المتكررة في تدبير الشأن العام، في ظل التطورات الأخيرة، يتضح أن هناك مشكلات تتعلق بالشفافية وكفاءة الأداء، وهو ما يتطلب وقفة جادة لتقييم الوضع ومعالجته بشكل فعال.

في هذا الصدد أفاد عبد النبي صبري، أستاذ العلوم السياسية، أن هناك اختلالات جسيمة في إدارة الشأن العام، تتعلق بالصفقات وسندات الطلب والتعيينات، هذه الاختلالات، والتي تشمل خروقات قانونية وتعثرات في تنفيذ المشاريع، تعكس ضعفاً في النظام الإداري وتستدعي إجراءات تصحيحية عاجلة.

تقارير المفتشين العامين والمجالس الأعلى للحسابات تشير إلى وجود مشاكل في إدارة الشأن العام على المستوى الترابي، مثل التلاعب بالصفقات واحتلال الملك العام.

وأشار المتحدث في تصريح ل “إعلام تيفي” إلى أن التركيز على تحقيق مصالح حزبية ضيقة، مثل الفوز بحقيبة وزارية، قد أسهم في تغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة. في هذا السياق، يتضح أن الأحزاب السياسية تُعنى بشكل رئيسي بمصالحها الخاصة بدلاً من التركيز على المصلحة العامة.

تبرز هذه الظاهرة من خلال الخلافات المستمرة داخل الأحزاب، والتي تُظهر انشغالها بتحقيق أهدافها الداخلية بدلاً من العمل المشترك نحو تحقيق التنمية المستدامة.

وأبرز المتحدث أن غياب التنسيق بين القوى السياسية في المغرب، هذه الخلافات تؤدي إلى عدم استقرار في السياسات العمومية، مما يعرقل تنفيذ المشاريع الكبرى وتلبية تطلعات المواطنين.

تُعَدُّ الحاجة إلى تغيير جذري في كيفية إدارة الشأن العام أمراً ملحاً. تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يُعتَبر خطوة أساسية لضمان تحسين الأداء وكفاءة الإدارة. يتطلب ذلك مراجعة دقيقة للأداء السياسي والإداري، وتحديد مدى قدرة الأحزاب والمسؤولين على تلبية تطلعات المشاريع الكبرى في البلاد.

وأوضح صبري أن الخلافات داخل أحزاب الأغلبية من شأنها تعطيل السير العادي لسياسات تدبير الشأن العام خاصة وأن الأمور في قبل هذه الخلافات التي طفت إلى السطح لا تبشر بالخير.

في هذا السياق شهد حزب الأصالة والمعاصرة تحولاً ملحوظاً من خلال تشكيل قيادة ثلاثية لأول مرة ورغم أن هذا التغيير يُعتبر خطوة إيجابية نحو القيادة الجماعية وتقاسم الآراء، فإن تقييم فعالية هذه القيادة لا يزال مبكراً، هذا التوجه قد يُسهم في تحسين التنسيق الداخلي، لكن لا يمكن الحكم على نتائج هذا التغيير قبل مرور وقت كافٍ.

إلا أن  المشاكل بين قياديي القيادة الجماعية، تعطي انطباع بأن الأمور لا تسير مثل ما هو مخطط إليها، خاصة في ظل الهفوات التي تصدر عن الأعضاء.

أظهر حزب الاستقلال بدوره مشكلات في تنظيمه الداخلي، حيث تعثرت عملية تشكيل اللجنة التنفيذية؛ هذه التعثرات تعكس ضعفاً في التنظيم وتؤثر على الأداء السياسي للحزب، مما يستدعي مراجعة شاملة لآليات العمل الداخلي وتطوير استراتيجيات فعّالة للتعامل مع التحديات الحالية.

تتجلى بعض المشكلات في التنسيق بين أحزاب الأغلبية من خلال حالات معينة مثل انتخابات المجالس الترابية في مدينة طنجة، حيث تم تزكية مرشحين من خارج التحالفات المقررة في مدينة طنجة ، في تجاوز تام للاتفاقات المتفق عليها، مما يعكس ضعف التنسيق ويؤثر سلباً على تنفيذ السياسات العمومية بشكل فعّال. هذه الاختلالات تبرز الحاجة إلى تحسين آليات التنسيق بين الأحزاب لضمان تحقيق الأهداف المشتركة.

في ضوء ما سبق، يتضح أن المشهد السياسي في المغرب يحتاج إلى إصلاحات جذرية لضمان تحسين إدارة الشأن العام وتعزيز كفاءة الأداء. يتطلب ذلك من الأحزاب السياسية مراجعة استراتيجياتها وتنسيق جهودها بشكل أفضل، والعمل على تنفيذ مبدأ المسؤولية والمحاسبة لضمان تحقيق التنمية المستدامة ومواكبة تطلعات الشعب المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى