تأثير المخطط الأخضر على الموارد المائية بنسبة تجاوزت 41 بالمائة

اعلام تيفي

اعلام تيفي

تأثير مخطط المغرب الأخضر على الموارد المائية: أبعاد الأزمة

تُعاني الموارد المائية في المغرب من أزمة خانقة تتفاقم تدريجياً، ويُعتبر المخطط الأخضر أحد العوامل الرئيسة التي ساهمت في تعميق هذه الأزمة. ففي حين أن المخطط كان يهدف إلى تعزيز الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي، إلا أن تداعياته على الموارد المائية أصبحت واضحة ومقلقة.

### التوسع الزراعي تحت شعار “المغرب الأخضر”

بموجب مخطط المغرب الأخضر، الذي أُطلق في العام 2008، شهدت البلاد زيادة كبيرة في المساحات المروية. وحسب بيانات وزارة الفلاحة، ارتفعت هذه المساحات إلى حوالي 600,000 هكتار، شمل هذا التوسع زراعة الحمضيات، الزيتون، نخيل التمر، الخضر، الأفوكادو، والفواكه الحمراء. كان من المتوقع أن يُسهم هذا التوسع في زيادة الإنتاجية الزراعية ويعزز من قدرة البلاد على تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدة محاصيل استراتيجية.

### الأثر السلبي على الموارد المائية

رغم الأهداف الطموحة للمخطط، فإن التوسع في المساحات المروية كان له تداعيات سلبية كبيرة على الموارد المائية في المغرب. فبزيادة المساحات المخصصة للزراعة، ارتفعت نسبة الطلب على المياه بشكل ملحوظ. وفقًا للخبراء، فإن زيادة المساحات الزراعية أدت إلى زيادة الطلب على المياه بنسبة تجاوزت 41%، بينما تراجعت الواردات المائية بنسبة تصل إلى 50% على الأقل.

### واقع الموارد المائية: أزمة غير مسبوقة

تشير الأرقام الحالية إلى أن نسبة ملء السدود في المغرب قد تراجعت إلى أقل من 28%، مما يعكس حجم الضغط الكبير على الموارد المائية. ويعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، من بينها زيادة المساحات الزراعية التي يتطلب ريها كميات ضخمة من المياه، إلى جانب نقص الأمطار وموجات الحرارة القياسية التي شهدتها بعض المناطق.

### الفجوة بين الطلب والعرض

أدى التوسع في المساحات المروية إلى زيادة كبيرة في الفجوة بين العرض والطلب على المياه. فبينما ارتفعت المساحات الزراعية بشكل كبير، لم تكن هناك زيادة متوازية في الموارد المائية المتاحة، مما جعل الضغط على المياه الجوفية كبيرًا جدًا. وهذا الوضع يعرض المخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية للخطر، وهو ما ينذر بأزمة مائية طويلة الأمد.

### تدابير مواجهة الأزمة: الحاجة إلى استراتيجيات جديدة

في ضوء هذه الأوضاع، تُطرح تساؤلات حول ضرورة مراجعة الاستراتيجيات الحالية وإعادة تقييم مخطط المغرب الأخضر. يجب أن تركز السياسات المستقبلية على التوازن بين زيادة الإنتاجية الزراعية والحفاظ على الموارد المائية. من الضروري اتخاذ إجراءات لحماية المياه الجوفية، وتقليل المساحات المروية التي تشكل ضغطًا كبيرًا على الموارد المائية.

بينما يسعى مخطط المغرب الأخضر إلى تحقيق الأمن الغذائي وزيادة الإنتاجية الزراعية، فإن تأثيره على الموارد المائية أصبح مصدر قلق كبير. يتطلب الوضع الحالي استجابة سريعة وفعالة من السلطات المغربية لضمان التوازن بين الاحتياجات الزراعية وحماية الموارد المائية، لضمان استدامة التنمية الزراعية والمائية في المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى