
بشرى عطوشي/ وكالات
تستعد الإمارات لتعزيز حضورها الاقتصادي في الصحراء المغربية عبر شراكات إستراتيجية وتحالفات مالية مع الولايات المتحدة، ما يمهد لإعطاء دفعة قوية للتنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، ويذهب هذا التعاون الثلاثي إلى ما هو أبعد من مجرد الاستثمار المالي ليصبح أداة فعالة لتعزيز الموقف المغربي على الساحة الدولية.
تحالف داعم للاستثمار بالصحراء المغربية
ويضم التحالف الجديد الإمارات ومؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية (DFC)، إضافة إلى شركات أميركية مهتمة بالاستثمار في الصحراء المغربية، وفق موقع “أفريكا أنتليجنس” المتخصص في الشؤون الإفريقية.
وتتزامن هذه الرغبة الإماراتية في الاستثمار في الصحراء المغربية، مع إعلان نائب وزير الخارجية الأمريكي، كريستوفر لانداو، في الأسابيع الماضية أنه في سياق اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه، قررت الحكومة الأمريكية تشجيع الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وأبرز لانداو عقب مباحثات أجراها في 24 من شتنبر الماضي، بنيويورك مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن “الولايات المتحدة اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء، وفي إطار المبادرات العالمية لإدارة ترامب الرامية إلى النهوض بالدبلوماسية الاقتصادية والتجارية، نحن سعداء بالإعلان أننا سنشجع الشركات الأمريكية التي ترغب في الاستثمار في هذه المنطقة من المغرب”. كما أشار المسؤول الأمريكي إلى أنه تطرق خلال اجتماعه مع بوريطة إلى العلاقات المتميزة والعريقة التي تربط بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، مبرزا استعداد الإدارة الأمريكية العمل بالتنسيق مع المغرب من أجل “النهوض بالازدهار والسلم والاستقرار في المنطقة”.
أبرز المشاريع التي ستغير ملامح الأقاليم الجنوبية وتعزز التنمية
ومن بين المشاريع الكبرى التي يعمل المغرب على تغيير من خلالها وجه أقاليمه الجنوبية هناك، تطوير مطار الداخلة (Dakhla Hub)، وكذا ميناء الداخلة الأطلسي، وتهيئة وتطوير المشروع المندمج للداخلة “Dakhla Gateway to Africa” وتطوير ساحل جهتي الداخلة وطرفاية، وتمويل مشاريع الطاقات المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وهي المشاريع التي ستقوم الإمارات بتمويل جزء مهم منها، مع تطوير مطارات الدار البيضاء، ومراكش، والناظور.
كما اتفقا الطرفان على بحث التعاون واستكشاف الآفاق في الشراكة بين الصناديق السيادية والاستثمارية لكلا البلدين، ودراسة إمكانيات التعاون في مجال الشراكة الاقتصادية وتطوير البنيات التحتية والطاقية مع الدول الإفريقية وفقا للنظم القانونية والتشريعية، لا سيما فيما يخص مشروع أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي؛ تهيئة وتطوير المشروع المندمج للداخلة “Dakhla Gateway to Africa”، وكذا، إحداث وتدبير أسطول بحري تجاري.
وتشمل الاستثمارات الكبرى عدة مجالات من بينها البنية التحتية والمشاريع التنموية، في خطوة من شأنها أن تُرسّخ الوجود المغربي الإداري والاقتصادي في المنطقة، وتُدمج الأقاليم الجنوبية بشكل فعلي في النسيج الاقتصادي للمملكة.
شراكات تعلن “شهادة ثقة” في استقرار المنطقة
وتُعد الشراكة بين كيانات اقتصادية ضخمة مثل الصناديق السيادية والاستثمارية الإماراتية والمؤسسات المالية الأميركية بمثابة “شهادة ثقة” دولية في استقرار المنطقة وجدوى الاستثمار فيها تحت السيادة المغربية، ما يشجع دولًا وشركات أخرى على الانخراط في مشاريع مماثلة.
وتتركز الاستثمارات المحتملة على مشاريع إستراتيجية مثل ميناء الداخلة الأطلسي ومشاريع الطاقة المتجددة كالهيدروجين الأخضر، مما يحوّل المنطقة إلى بوابة لوجستية هامة نحو غرب إفريقيا ورابط بين أوروبا والقارة السمراء.
النموذج الإماراتي ..شراكة اقتصادية ضخمة
ويهدف النموذج الإماراتي المعتمد على المشاريع المشتركة المتخصصة إلى تأمين وحماية هذه الاستثمارات على المدى الطويل، مما يعني التزامًا ماليًا لا يمكن التراجع عنه بسهولة.
وتعد الشراكة الاقتصادية بين أبوظبي والرباط الأضخم بين الدول العربية، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بشكل ملحوظ، بالتوازي مع تنامي العلاقات بين الرباط وواشنطن بما يشمل تنسيق المواقف والموارد في مناطق الاهتمام المشترك، بما في ذلك بسط الاستقرار ودفع عجلة التنمية.
وكانت الإمارات من أوائل الدول التي قدمت دعماً دبلوماسياً صريحاً وقوياً لمغربية الصحراء، عبر افتتاح قنصليتها العامة في مدينة العيون، وهي خطوة ذات ثقل سياسي كبير شجعت دولاً أخرى على الاقتداء بها.
وينظر إلى التحالف الإماراتي – الأميركي لتمويل مشاريع استراتيجية في الأقاليم الجنوبية على أنه تطبيق عملي للدبلوماسية الاقتصادية التي تدعم الموقف المغرب من خلال تحويل الصحراء إلى منطقة نشطة للتنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي، وهو ما يمثل الدعم الأكثر فعالية لترسيخ مغربية الإقليم على المديين القريب والبعيد، بالنظر إلى أنه يقدم للعالم نموذجاً تنموياً ناجحاً ومستقراً في المنطقة، مما يجعل أي محاولة لعرقلة هذا التطور عملاً ضد التنمية والاستقرار الدولي.





