تحويلات الجالية ترتفع.. لكن العجز التجاري “يبتلع” المكاسب

حسين العياشي
تبدو مؤشرات الاقتصاد المغربي في آخر قراءاتها متباينة النبرة. فمن جهة، واصل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج دعمها لشريان العملة الصعبة، ومن جهة أخرى اتسعت فجوة الميزان التجاري على نحو لافت خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، بما ألقى بظلاله على توازن الحسابات الخارجية.
يكشف مكتب الصرف عن صلابة تدفقات الجالية. فبنهاية شتنبر 2025، بلغت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج 92,73 مليار درهم، بزيادة قدرها 1,1% مقارنة بـ91,72 مليار درهم المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي. وبالموازاة، واصل ميزان الخدمات أداءه الإيجابي؛ إذ ارتفع فائضه بنسبة 9,4% ليصل إلى 114,52 مليار درهم، في إشارة إلى استمرار دينامية القطاعات الخدمية، وفي مقدمتها السياحة والنقل والخدمات العابرة للحدود.
غير أن هذا الزخم في التحويلات والخدمات لم يحُل دون تفاقم العجز في تجارة السلع. فقد قفز العجز التجاري للمغرب بنسبة 17,7% متجاوزًا 259 مليار درهم، مدفوعًا بوتيرة ارتفاع في الواردات تفوقت على نمو الصادرات. وخلال الفترة ذاتها، صعدت الواردات بنسبة 9,2% لتبلغ 605,35 مليار درهم، بينما حققت الصادرات نموًا أبطأ بواقع 3,6% لتصل إلى 346,3 مليار درهم.
تحت هذا المشهد المركب، تبدو مفاتيح التوازن رهينة بإبقاء قنوات العملة الصعبة مفتوحة ونامية، وتعزيز قاعدة الإنتاج الموجه للتصدير، مع ضبط فاتورة الاستيراد دون خنق الدورة الاقتصادية. فبين نبض تحويلات الجالية وقوة الخدمات من جهة، وضغط السلع المستوردة من جهة أخرى، يتحدد الإيقاع الحقيقي لقدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات ومراكمة هوامش أمان أوسع في ما تبقى من السنة.





