مدرسة الملك فهد للترجمة..تصنيف الأمازيغية كلغة أجنبية يشعل الجدل ويثير استنكارا واسعا
خديجة بنيس: صحافية متدربة
أثارت مدرسة الملك فهد العليا للترجمة في طنجة، جدلاً واسعا بعد أن صنفت اللغة الأمازيغية كلغة أجنبية في برمجة امتحاناتها، الأمر الذي اعتبرته منظمات وجمعيات أمازيغية انتهاكاً صارخاً لمبادئ الدستور والهوية الوطنية، خاصة أن دستور 2011 أقر بالأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية، وهذا الفعل وما له من دلالات يهدد التطورات التي تحققت لتعزيز وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
وفي هذا الصدد سجل أحمد عصيد الناشط الحقوقي أن ما ورد في إعلان مدرسة الملك فهد بشأن الترجمة فيه خطأ فادح “إما أنه غير مقصود، وهذا مشكل، وإما أنه مقصود وهذا مشكل مضاعف وخطير.”
وأوضح المتحدث في تصريح لموقع “إعلام تيفي”، أن الصحيح اعتبار الترجمة من اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية إلى اللغات الأجنبية أو العكس.
وأضاف أنه من الضروري الإشارة بهذا الصدد إلى أن مثل هذه الأخطاء ما فتئت تتكاثر سواء في الكتابة بالأمازيغية على واجهات المؤسسات أو في إعلانات المؤسسات حيث هناك من يتجاهلها كليا، دون الحديث عمن وضعها مع اللغات الأجنبية كما حدث الآن، مما يدل على ضعف الوعي بمرجعيات الدولة. حسب عصيد
ويرى المتحدث أنه على رئاسة الحكومة على الخصوص اتخاذ قرار حازم بإصدار مذكرة وتوجيهات واضحة إلى جميع مؤسسات الدولة بالحرص على احترام الوضع الرسمي للغة الأمازيغية طبقا للدستور وتطبيقا للقانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية الصادر منذ فاتح أكتوبر 2019، والذي ما زال حبرا على ورق.
من جانبه، أكد عبد الله بادو، الرئيس السابق لشبكة “أزطا”، في تصريح لموقع “إعلام تيفي” على أنه لا يمكن قبول أن تصنف مؤسسة عامة تعمل في المغرب، لغة وطنية ورسمية كلغة أجنبية، معربًا عن قلقه من قدرة استيعاب المؤسسات على فهم والامتثال للقوانين والتشريعات.
ودعا بادو الدولة إلى مراقبة المؤسسات فيما يخص مدى احترامها لمقتضيات الدستور والقوانين المنظمة والتي تعتبر اللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد.
في السياق ذاته، أعرب حسن إد بلقاسم، رئيس منظمة “تماينوت”، عن أسفه وقلقه بسبب هذا التصرف، الذي يظهر عدم احترام القوانين الوطنية، ويشير إلى استهتار في التعامل مع إحدى المكونات الأساسية للهوية والثقافة المغربية.
وطالب بلقاسم في تصريحه لموقع “إعلام تيفي” الجهات المعنية بالتدخل الفوري والعاجل لتصحيح هذا الخطأ الجسيم، واحترام الأمازيغية وفقاً لما ينص عليه الدستور والقوانين التنظيمية.
وشدد على أهمية التنديد بمثل هذا الموقف إذا لم تتخذ المدرسة إجراءات لتصحيح هذا الخطأ الجسيم في حق الأمازيغية.
ومن جانبها استنكرت ونددت “مجموعة الوفاء للبديل الأمازيغي” في بلاغ لها، إدراج مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بمدينة طنجة، اللغة الأمازيغية ضمن خانة اللغات الأجنبية، واعتبرته قرار استفزازي، يستدعي تعديله عاجلا، وتقديم اعتذار مكتوب لجميع المغاربة.
وتفاعلا مع الموضوع وجه النائب البرلماني عن الفريق الحركي محمد أوزين سؤالا كتابيا إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، حول الخرق الدستوري السافر الصادر عن مدرسة فهد للترجمة بطنجة في حق الأمازيغية بعد أن اعتبرتها لغة أجنبية في وطنها، ودعا أوزين الوزير إلى التدخل العاجل لوقف هذه السقطة المخالفة للدستور والقانون.
وأوضح اوزين في معرض سؤاله أن هذا الخرق الجسيم للدستور، ينسف في العمق كل جهود الدولة لإنصاف الأمازيغية، مؤكدا على أن الحكومة تتحمل المسؤولية السياسية فيما وصفه بالانزياح الخطير عن كل هذه الثوابت الوطنية الجامعة على اعتبار أنه صادر في جوهره عن جامعة مغربية عمومية، تمول من ضرائب المغاربة من أجل المغاربة لتتنكر لمكون أساسي من هويتهم الأصلية، على حد تعبيره.
وساءل أوزين الوزير عن مآل المخطط القطاعي لترسيم الأمازيغية في هذا القطاع الوزاري طبقا لأحكام القانون التنظيمي لتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
وتجدر الإشارة إلى أن مدرسة الملك فهد العليا للترجمة وقعت اتفاقية شراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في أبريل الماضي؛ لتعزيز التعاون بين المؤسستين وتعزيز الدور الثقافي والتعليمي للغة الأمازيغية كلغة رسمية للدولة وتعزيز مكانتها في المجتمع المغربي.