تعطيل الحوار الاجتماعي يفاقم أزمة الثقة بين الحكومة والمركزيات النقابية

حسين العياشي

وجهت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب اتهامًا صريحًا لحكومة عزيز أخنوش بـ”تعطيل الحوار الاجتماعي” و”التهرب من الالتزامات التي تعهدت بها سابقًا”. وقالت النقابة في بلاغ صادر عن اجتماع مكتبها الوطني، إن الحكومة تواصل التباطؤ في تنفيذ التزاماتها الاجتماعية الحيوية، وفي مقدمتها إخراج “الدرجة الجديدة” وتحسين الدخل وتوحيد الأنظمة الأساسية. وأكدت أن هذا التأخر يعد بمثابة “تعطيل متعمد” للحوار الاجتماعي و”نكوص” عن التزامات تم التوقيع عليها باسم الدولة.

ولم تقتصر النقابة على وصف الوضع بالمتأزم فحسب، بل حذرت من أن استمرار الجمود في هذا الملف الحيوي يعمق الأزمة الحالية، ويزيد من حالة الاحتقان الاجتماعي. في وقتٍ يعاني فيه المواطنون من موجة غلاء غير مسبوقة وارتفاع تكاليف المعيشة. وقد أشار البلاغ إلى أن “الركود الاجتماعي” الذي يشهده المغرب حاليًا بات يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المجتمع، وهو ما ينعكس سلبًا على الثقة بين الحكومة والمركزيات النقابية.

ورغم التحديات المعيشية التي تواجه الطبقات الشعبية، لم تخف النقابة قلقها من أن تفضي سياسة “التهميش” إلى تفاقم الأوضاع أكثر فأكثر. وأكدت أن “الوضع الاجتماعي يتجه نحو مزيد من التدهور”، نتيجة استمرار غلاء الأسعار وركود الأجور، بالإضافة إلى اتساع دائرة الفقر والهشاشة. وهو ما قد يؤدي إلى تفجر توترات اجتماعية يصعب احتواؤها إذا استمرت المقاربة الأمنية في مواجهة المطالب الاجتماعية المشروعة للفئات المتضررة، خاصة الشباب.

وفي هذا السياق، دعت النقابة الحكومة إلى فتح حوار وطني شامل، يضم جميع الفاعلين النقابيين والسياسيين والحقوقيين، بهدف تقييم السياسات العمومية وتنفيذ إصلاحات اجتماعية عادلة ومنصفة. وأكدت أن “المدخل الحقيقي لأي استقرار اجتماعي هو العدالة الاجتماعية والعيش الكريم والعمل اللائق”. وشدد البلاغ على ضرورة إيلاء الأولوية لحقوق المواطنين، والعمل على تعزيز قدرتهم الشرائية وتحسين مستوى معيشتهم.

كما طرحت النقابة مجموعة من الحلول المقترحة للخروج من هذه الأزمة، من أبرزها مراجعة السياسة الضريبية لحماية القدرة الشرائية، إلى جانب تشجيع الاستثمار المنتج وخلق فرص شغل كريمة. واعتبرت أن محاربة الريع والفساد وتضارب المصالح يجب أن يكون ضمن أولويات الحكومة، مشيرة إلى أن “استمرار النهج الحالي” في إدارة الملفات الاجتماعية سيؤدي إلى تعميق الفوارق الطبقية وزيادة فقدان المواطن لثقته في مؤسسات الدولة.

وفي ختام بلاغها، أكدت النقابة أن “التغيير الجذري” في السياسات العمومية يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وأن الانصات للمطالب المشروعة وتحقيق العدالة الاجتماعية يجب أن يكونا في صلب اهتمامات الحكومة، لضمان استقرار المجتمع والحد من الاحتقان المتزايد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى