تقرير: الأمم المتحدة تعلن رسميا دخول غزة في مجاعة جماعية وإسرائيل تكذب الأرقام

حسين العياشي

أعلنت الأمم المتحدة، صباح الجمعة، دخول غزة في مرحلة المجاعة رسمياً، بعد تحذيرات متكررة أطلقها خبراؤها حول الوضع الإنساني “الكارثي” الذي يهدد حياة ما يقارب نصف مليون إنسان، في مشهد مأساوي غير مسبوق في تاريخ الشرق الأوسط.

لكن الإعلان، الذي وصفه المسؤول الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية، توم فليتشر بأنه “وصمة ستطاردنا جميعاً”، قوبل برفض قاطع من الجانب الإسرائيلي، إذ سارعت وزارة الخارجية في تل أبيب إلى نفي وجود أي مجاعة، معتبرة التقرير الأممي “منحازاً” و”مبنياً على أكاذيب حركة حماس”.

الجدل حول “المجاعة” لم يكن وليد اللحظة. فمنذ أشهر، كان خبراء الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي (IPC)، وهو جهاز أممي مقره روما، يدقون ناقوس الخطر. واليوم، أكدوا أن المجاعة تضرب رسمياً مدينة غزة، مع توقع انتشارها في دير البلح وخان يونس قبل نهاية سبتمبر، ما يعني أن ثلثي مساحة القطاع تقريباً باتت مهددة.

وبالأرقام، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 500 ألف شخص يعيشون حالياً في ظروف تصنّف على أنها “كارثية”، وهو أعلى مستوى في سلم انعدام الأمن الغذائي. والرقم مرشح للارتفاع إلى 641 ألف شخص خلال أسابيع قليلة، في واحدة من أسرع التدهورات التي رصدها خبراء الأمن الغذائي منذ بدء عملهم في غزة.

المعايير الثلاثة التي تحدد رسمياً وقوع المجاعة تبدو اليوم متجسدة في غزة: نقص شديد في الغذاء يعاني منه واحد من كل خمسة أسر، سوء تغذية حاد لدى ثلث الأطفال دون الخامسة، ووفاة شخصين من بين كل عشرة آلاف يومياً جراء الجوع.

السبب، بحسب الأمم المتحدة، يعود إلى التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر وما تبعه من نزوح جماعي وحرمان السكان من الوصول إلى المواد الغذائية والدوائية. فقد منعت إسرائيل في مارس الماضي دخول أي مساعدات، قبل أن تسمح في مايو بكميات “محدودة جداً”، وهو ما أدى إلى شلل شبه تام في الإمدادات الحيوية.

تل أبيب تردّ باتهام حماس بالاستيلاء على المساعدات، لكن منظمات الإغاثة الدولية تؤكد أن العائق الأكبر يتمثل في القيود الإسرائيلية المشددة والخطر الميداني الذي يعرقل التوزيع.

وفي خلفية هذه الأزمة، لا تزال أرقام الحرب ثقيلة: 1.219 قتيلاً في إسرائيل منذ هجوم 7 أكتوبر، مقابل أكثر من 62 ألف قتيل في غزة، غالبيتهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة في القطاع، أرقام تعتبرها الأمم المتحدة “موثوقة”.

وبين نفي إسرائيل وإصرار الأمم المتحدة، تبقى الحقيقة المرة أن غزة اليوم تعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث الجوع تحول من شبح يلوح في الأفق إلى واقع يفتك بالأطفال والنساء والرجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى