تقرير بنك المغرب يدق ناقوس الخطر: التغير المناخي يهدد الأمن المائي والنمو الاقتصادي

حسين العياشي

كشف التقرير السنوي لبنك المغرب أن التغير المناخي بات يشكل التهديد الأكبر للاقتصاد الوطني، حيث يؤثر بشكل مباشر على تزويد المواطنين بالماء الصالح للشرب، ويهدد المكاسب التي حققتها السياسة الفلاحية خلال السنوات الماضية. كما سلط الضوء على تداعيات هذا التغير، التي لا تقتصر على الظواهر الظرفية فحسب، بل تحمل طابعًا بنيويًا يتجلى في تدهور وضعية الأراضي الفلاحية وتراجع رأس المال الإنتاجي، خاصة في قطاع تربية الماشية.

وفي تشخيصه للوضع، أشار البنك المركزي إلى أن مجهودات الدولة في مجال البنيات التحتية المائية تظل ضرورية، لكنها غير كافية ما لم تُواكبها سياسات عمومية على مستوى الطلب. حيث شدد على ضرورة إرساء حكامة فعالة، سواء على المستوى المركزي أو المحلي، تتجاوز حملات التحسيس والإجراءات الظرفية.

التقرير، أوصى بـاعتماد تسعيرة تعكس ندرة الموارد، مع الأخذ بعين الاعتبار الفوارق في القدرة الشرائية للأسر، وكذا القدرة المساهمة للفلاحين، كخطوة ضرورية لتحقيق توازن بين الاستهلاك والموارد المتاحة، خاصة في ظل تزايد الضغوط المناخية.

من جهة أخرى، لفت التقرير إلى أن الهشاشة البنيوية للنسيج الإنتاجي المغربي تمثل تحديًا رئيسيًا، حيث ما تزال المقاولات الصغيرة جدًا تهيمن على المشهد الاقتصادي، وكثير منها يشتغل في القطاع غير المهيكل، ما يحد من القيمة المضافة ومن القدرة التنافسية.

في هذا الصدد، دعا بنك المغرب إلى تحفيز الاستثمار الخاص والرفع من مساهمته في خلق مناصب الشغل، مشيرًا إلى أن تحقيق ذلك يبقى مرهونًا بإصلاح منظومة التعليم والتكوين المهني، والتي وصفها التقرير بأنها لا تزال تعاني من اختلالات عميقة.

لم يغفل التقرير الحديث عن آفة الفساد وتأثيرها السلبي على تنافسية الاقتصاد الوطني، حيث شدد على أن المغرب مطالب بمضاعفة جهوده في هذا الصدد، خاصة بالمقارنة مع دول أخرى حققت نتائج أفضل. كما حذر من المنافسة غير الشريفة داخل القطاع غير المهيكل، والتي تشكل أحد أبرز العوائق أمام تطور المقاولات الرسمية، حسب ما عبر عنه الفاعلون الاقتصاديون في مختلف الدراسات الميدانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى