تقرير يكشف ضعف أداء الأغلبية البرلمانية مقابل تفوق المعارضة

حسين العياشي: صحافي متدرب

أصدرت جمعية “سمسم – مشاركة مواطنة” تقريرها السنوي الثالث، الذي يسلط الضوء على حصيلة المبادرة التشريعية للكتل النيابية في البرلمان المغربي خلال السنة الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة (2021-2026).

يعرض التقرير تراجعًا ملحوظًا على مستوى المبادرات التشريعية والحضور البرلماني، ما يثير تساؤلات حول فعالية العمل البرلماني ومستوى التفاعل مع القضايا الوطنية.

حسب المصدر نفسه، شهدت السنوات الثلاث الماضية انخفاضًا كبيرًا في عدد مقترحات القوانين المقدمة من قبل الكتل النيابية، ففي السنة الأولى من الولاية، قُدم 170 مقترح قانون، لينخفض العدد في السنة الثانية إلى 84 مقترحًا، قبل أن يصل إلى 70 فقط في السنة الثالثة.

في سياق هذه المقترحات، تم التصويت على مقترح قانون واحد فقط خلال السنة الثالثة، فيما تمت المصادقة على 10 مقترحات أخرى تعود للسنتين السابقتين، وبلغت نسبة المصادقة على المقترحات المقدمة خلال السنة التشريعية الثالثة 13.6%، مما يعكس بطئًا في تنفيذ المشاريع التشريعية.

رغم هذا التراجع العام، أظهر التقرير أن فرق المعارضة كانت أكثر نشاطًا في تقديم مقترحات القوانين مقارنة بفرق الأغلبية، فقد تصدر الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية قائمة الكتل النيابية الأكثر تقديمًا للمقترحات بـ27 مقترحًا، يليه الفريق الحركي بـ22 مقترحًا. أما في صفوف الأغلبية، فقد قدم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية وفريق التجمع الوطني للأحرار 5 مقترحات لكل منهما فقط، فيما لم يقدم فريق الأصالة والمعاصرة أي مقترحات خلال السنة التشريعية الماضية.

ولم يقتصر التراجع على المبادرات التشريعية فقط، بل شمل أيضًا نسبة الحضور في الجلسات التشريعية، فقد كشف التقرير أن معدل الحضور العام للنواب والنائبات خلال السنة التشريعية الثالثة بلغ 37.28% فقط، وهي نسبة ضعيفة تشير إلى تراجع الالتزام بالجلسات.

حيث أشار المصدر نفسه، أن أعلى نسبة حضور سُجلت بلغت 59.24% خلال جلسة المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2024، بينما سُجلت أقل نسبة حضور في جلسة 24 يونيو 2024 بنسبة 25.32%.

كما رصد التقرير أيضًا توزيع مقترحات القوانين على اللجان البرلمانية الدائمة، حيث استقبلت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان أكبر عدد من المقترحات بـ19 مقترحًا، تلتها لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بـ10 مقترحات. أما بعض اللجان، مثل لجنة مراقبة المالية العامة ولجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية، فلم تتلق أي مقترح قانون خلال السنة التشريعية الثالثة.

في ختام التقرير، أشارت جمعية “سمسم” إلى ضرورة تعزيز العمل التشريعي وتحسين الحضور البرلماني لضمان تمثيل فعال للمواطنين، ودعت الجمعية إلى فتح نقاش عام حول أسباب هذا التراجع وسبل تحسين الأداء البرلماني في المستقبل. كما أعلنت الجمعية عن نيتها إصدار تقرير جديد يركز على مقترحات القوانين وأداء النواب في مجال التشريع، مما سيسهم في تعزيز الشفافية وإشراك المواطنين في متابعة أداء ممثليهم في البرلمان.

تقرير “سمسم” يعكس تحديات كبيرة تواجه العمل البرلماني في المغرب، خاصة في ظل تراجع المبادرات التشريعية وضعف التفاعل الحكومي مع مقترحات النواب، وهو ما يستدعي التفكير في حلول لتعزيز فعالية البرلمان وتحقيق تقدم ملموس في العمل التشريعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى