تقنين مياه الشرب للمواطنين في ظل تصدير قياسي للخضر والفواكه: مفارقة تثير التساؤلات في المغرب

اعلام تيفي

اعلام تيفي

في ظل أزمة مائية غير مسبوقة يشهدها المغرب، تبرز إدارة الموارد المائية كأحد أكبر التحديات التي تواجه البلاد. هذه الأزمة وصلت إلى حد تقنين مياه الشرب في بعض المناطق، ومع ذلك، تستمر البلاد في تصدير كميات هائلة من الخضر والفواكه التي تستهلك كميات ضخمة من المياه. هذه الازدواجية في السياسات المائية والزراعية تثير قلقًا كبيرًا وتساؤلات حول الأولويات الوطنية.

الوضع الحالي في المغرب يبدو غير منطقي، حيث يُطلب من المواطنين تقنين استهلاكهم للمياه، بينما تُستخدم كميات كبيرة منها في زراعة محاصيل للتصدير. هذا التناقض الصارخ بين ما يُفرض على المواطنين وما يحدث على أرض الواقع يثير تساؤلات حول الاتجاه الذي تتبعه البلاد في ظل أزمة مائية تزداد سوءًا.

التوسع في المساحات الزراعية، خصوصًا في إطار مخطط المغرب الأخضر، ساهم في تفاقم الأزمة. وفقًا للبيانات الرسمية، شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في المساحات المروية، والتي وصلت إلى حوالي 600,000 هكتار. تضمنت هذه المساحات زراعة محاصيل تستهلك كميات هائلة من المياه مثل الحمضيات، الزيتون، نخيل التمر، الخضر، والأفوكادو. في الوقت الذي كان من الأفضل تقليص هذه المساحات لتخفيف الضغط على الموارد المائية المحدودة.

هذا التوسع الزراعي، على الرغم من مساهمته في تعزيز الصادرات الزراعية للمغرب، يأتي بثمن باهظ يدفعه المواطنون الذين يضطرون لتقليل استهلاكهم اليومي من المياه. وفي الوقت نفسه، تستمر الدولة في دعم سياسات تزيد من استنزاف الموارد المائية، وهو ما يعتبره الخبراء خطوة غير حكيمة في ظل الأوضاع الحالية.

الأزمة الحالية لم تأتِ فجأة؛ بل هي نتيجة لسياسات زراعية لم تأخذ في الاعتبار ضرورة الحفاظ على الموارد المائية. يجب إعادة النظر في هذه السياسات لتحقيق توازن بين احتياجات المواطنين الأساسية من المياه ومتطلبات القطاع الزراعي.

في النهاية، يبقى السؤال هو: كيف سيتعامل المغرب مع هذه الازدواجية في السياسات؟ وهل ستتمكن السلطات من إيجاد حلول مستدامة لأزمة المياه التي تهدد مستقبل البلاد؟ الوقت فقط سيكشف عن الإجابات، لكن من الواضح أن الحاجة إلى تغيير جوهري في السياسات الحالية باتت أمرًا ضروريًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى