توقف الاستثمار العقاري في طنجة.. تعقيد المساطر أم تقصير إداري مقصود؟

حسين العياشي
تعيش مدينة طنجة أزمة خانقة غير مسبوقة تعصف بقطاع العقار، بعدما كشفت تقارير مفصلة توصلت بها ولاية جهة طنجة–تطوان–الحسيمة حجم الاختلالات التي تنخر هذا القطاع الحيوي. هذه التقارير ربطت أسباب التدهور بتعقيد المساطر الإدارية داخل مؤسسات محورية، على رأسها المركز الجهوي للاستثمار والوكالة الحضرية والمجالس المنتخبة، حيث يشتكي المنعشون العقاريون من عراقيل متكررة وبطء شديد في معالجة الملفات، إلى جانب صعوبة الحصول على التراخيص والشواهد الضرورية لإطلاق المشاريع.
غير أن أصابع الاتهام، وفق شهادات عدد من الفاعلين في الميدان، تتجه بالأساس نحو رئيس جماعة طنجة منير ليموري، الذي حمّله بعض المنعشون العقاريون مسؤولية مباشرة عن هذا التعثر، بحكم موقعه ودوره المحوري في تدبير شؤون المدينة. فريق “إعلام تيفي” حاول، أكثر من مرة، التواصل مع ليموري لطرح أسئلة دقيقة حول هذه القضايا، إلا أن الأخير اختار الصمت والتواري عن الأنظار، في استمرار لنهج اعتبره مراقبون “هروبًا من المساءلة العمومية”.
المؤشرات الرسمية الأخيرة لا تدع مجالًا للتأويل، إذ تؤكد أن السوق العقاري بطنجة يعيش تراجعًا حادًا على مستوى حجم المعاملات ووتيرة الاستثمارات، في ما يشبه بداية ركود غير مسبوق يهدد قطاعًا ظلّ لعقود رافعة أساسية للاقتصاد المحلي.
خبراء اقتصاديون يحذرون من أن استمرار الوضع على هذا النحو قد يفاقم الأزمة، ويضرب ثقة المستثمرين في مدينة كانت تُسوَّق كقاطرة للتنمية في شمال المملكة. هؤلاء يشددون على أن الحل يمر عبر إصلاحات عاجلة وشجاعة، تبدأ من تبسيط المساطر الإدارية وتسريع التنسيق بين مختلف المؤسسات، بدل الغرق في دوامة البيروقراطية التي تكبّل الاستثمارات وتفرغ شعارات التنمية من مضمونها.
وفي المقابل، يرى مراقبون أن معالجة الأزمة العقارية في طنجة لا يمكن أن تتحقق دون مساءلة مباشرة للمسؤولين المنتخبين، وفي مقدمتهم رئيس الجماعة منير ليموري، باعتباره في واجهة القرار المحلي، محمّلين إياه مسؤولية فقدان الثقة وضياع فرص استثمارية كان من شأنها تعزيز جاذبية المدينة أمام رؤوس الأموال الوطنية والدولية.