جامعات أمريكا تواجه أزمة مالية بعد انخفاض قياسي في تسجيلات الأجانب

حسين العياشي
تشهد الجامعات الأمريكية حالة من القلق المتزايد بعد تراجع ملحوظ في عدد الطلبة الأجانب الراغبين في الدراسة بالولايات المتحدة. فحسب معطيات وزارة الخارجية الأمريكية، تم في غشت 2025 منح 313 ألفاً و138 تأشيرة من فئة F-1 الخاصة بالطلاب الدوليين، بانخفاض يناهز 20% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. ويأتي هذا التراجع امتداداً لمنحى نزولي مستمر، بعد تسجيل انخفاض بنسبة 22% في ماي 2025 مقارنة بماي 2024.
كان الطلاب القادمون من آسيا، وخاصة من الهند، الأكثر تضرراً. فالهند، التي كانت العام الماضي المصدر الأول للطلبة الأجانب في الولايات المتحدة، شهدت تراجعاً حاداً بلغ 44.5% في عدد التأشيرات الممنوحة لمواطنيها. أما الصين، فقد واصلت بدورها نزيف التراجع الذي بدأ منذ عام 2019، حيث انخفض عدد طلبتها في الجامعات الأمريكية من 372 ألفاً و532 خلال سنة 2019-2020 إلى نحو 277 ألفاً و398 في موسم 2023-2024، لتتعمق الأزمة أكثر خلال 2025.
هذا التراجع يرتبط بشكل مباشر بالسياسة الجديدة التي أعلنها وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في ماي 2025، والتي تقضي بـ«إلغاء تأشيرات الطلبة الصينيين المرتبطين بالحزب الشيوعي الصيني أو الدارسين في تخصصات تعتبرها واشنطن حساسة». وقد أسفرت هذه السياسة عن ارتفاع ملحوظ في عدد طلبات التأشيرات المرفوضة بالنسبة للطلاب الصينيين.
لم تقتصر القيود الأمريكية على الطلبة الآسيويين فقط، إذ أوقفت واشنطن دخول مواطني 19 دولة، من بينها روسيا، لأسباب تتعلق بـ«الأمن القومي». وقد أثر هذا القرار بشكل مباشر على الطلبة الروس الراغبين في متابعة دراستهم بالولايات المتحدة، مما زاد الضغط على الجامعات الأمريكية التي تعتمد إلى حد كبير على رسوم الطلبة الأجانب.
هذا الانخفاض في عدد الطلاب الأجانب بدأ ينعكس على الوضع المالي للجامعات الأمريكية. فجامعة «ديبول» مثلًا أعلنت عن تقليص ميزانيتها بسبب انخفاض عدد المسجلين الدوليين، الذي تراجع وطنياً بنسبة 2.4% مقارنة بعام 2024، مع تضرر برامج الدراسات العليا بشكل خاص. وقد بلغت نسبة التراجع في التسجيلات الجديدة بجامعة «ديبول» نحو 62% في برامج الماستر والدكتوراه.
بالنسبة للطلبة المغاربة، باتت الطريق نحو الحلم الأمريكي أكثر وعورة. فبين تعقيد الإجراءات الإدارية، وطول فترات الانتظار، وتزايد احتمالات الرفض، بدأ كثيرون يتساءلون عما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال وجهة ممكنة لتحقيق طموحاتهم الأكاديمية. وقد يدفعهم هذا الوضع إلى التفكير في بدائل أخرى، ككندا أو أوروبا، حيث شروط القبول أكثر مرونة والسياسات أكثر انفتاحاً تجاه الطلبة الدوليين.
في ظل هذه التطورات، تبدو الجامعات الأمريكية أمام تحدٍ كبير: كيف تحافظ على مكانتها العالمية وجاذبيتها في وقت تتشدد فيه السياسات وتضيق فرص الوصول إلى الحلم الأكاديمي الأمريكي؟ سؤال مفتوح يترقب الجميع إجابته في السنوات القادمة.