جدل تصريحات هشام المهاجري.. النقابة الوطنية للصحة تستنكر، والنائب يوضح سوء الفهم

حسين العياشي

أعاد مقطع فيديو قصير، التُقط من مداخلة سابقة للنائب البرلماني هشام المهاجري، الجدل حول علاقة الفاعل السياسي بمكونات الجسم الصحي، بعدما تم تداوله بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، متضمناً عبارات اعتبرها العديد من المهنيين في قطاع الصحة “مهينة” و”جارحة” في حق الممرضات والممرضين، ما فجّر موجة استياء واستنكار في أوساط الشغيلة الصحية.

المقطع، الذي بدا مقتضباً ومنزوعاً من سياقه، أظهر النائب البرلماني وهو يتحدث عن بعض الممارسات السلبية التي قال إنها تقع داخل بعض المؤسسات الصحية، وهو ما اعتبرته النقابة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، تجاوزاً غير مقبول وتطاولاً على كرامة هيئة التمريض، التي تشكّل إحدى الدعامات الأساسية للمنظومة الصحية المغربية.

النقابة، وفي بلاغ استنكاري شديد اللهجة، ندّدت بما وصفته بـالسلوك الأرعن الصادر عن نائب يُفترض أن يكون مدافعاً عن مصالح المواطنين والعاملين بالمرافق العمومية، لا أن ينخرط في خطاب مسيء يحطّ من مكانة فئةٍ تُكابد ظروفاً صعبة لتأمين الخدمة الصحية للمرضى، خاصة في المناطق النائية.

وفي ظل تصاعد حدة التفاعل، اختار هشام المهاجري الخروج عن صمته، موضحاً في تصريح خص به موقع “إعلام تيفي” أن المقطع المتداول لا يمثل السياق الكامل لتدخله، والذي تم في إطار نقاش داخلي خلال ورشة نظمها حزب الأصالة والمعاصرة ضمن الجامعة الصيفية قبل أسابيع، مضيفاً أن حديثه كان يندرج ضمن تقييم موضوعي لواقع القطاع الصحي، وخصوصاً في المجال القروي، مستنداً إلى أمثلة لمماسات حقيقية يُقر بها الجميع، بحسب تعبيره.

وقال المهاجري، إن كلامه كان يهدف إلى تسليط الضوء على فئة من الموظفين الذين لا يتحملون مسؤولياتهم، مؤكداً في المقابل أنه خصّ أطر الصحة المجدّين والمخلصين بإشادة صريحة ودافع عنهم بحرارة، معتبراً أن العنصر البشري هو العمود الفقري لأي إصلاح حقيقي في قطاع الصحة، وركيزة أساسية لإنجاح مشروع الدولة الاجتماعية.

وفي ما يخص التعابير التي استعملها كـ”لعب الكارطة” و”تنقش الحنة”، أوضح أنها مأخوذة من الواقع المعاش داخل القرى، حيث لا يُنظر إليها كعبارات قدحية، وإنما كمجرد توصيف لممارسات سلبية معروفة لدى الساكنة.

واختتم النائب تصريحه بتقديم اعتذار صريح لكل من أساء فهم كلامه أو شعر بالإهانة بسببه، مبرزاً أن غايته لم تكن التشهير أو التعميم، وإنما لفت الانتباه إلى خلل حقيقي ينبغي معالجته دون تهويل أو مزايدة.

رغم محاولة تطويقه هذا الجدل، بتوضيحات النائب البرلماني، إلا أن الموضوع أعاد تسليط الضوء على واحدة من أكبر الإشكاليات التي تعيق النهوض بالقطاع الصحي في المغرب، إنها أزمة العنصر البشري. فوسط الحديث المتكرر عن إصلاح المنظومة وتجويد الخدمات، لا تزال فئات من مهنيي الصحة، وعلى رأسهم الأطباء والممرضين، رافضة لمواكبة الإصلاح والانخراط فيه بجدية وحزم. مما يضعنا أمام وضع يجعل من أي إصلاح فعلي للقطاع مجرد شعار فارغ إن لم يُوضع العنصر البشري في قلب سياساته العمومية، بوصفه المحرك الرئيسي لكل تحول منشود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى