جمعيات هيئات المحامين: المغرب يعاني أزمة حقيقية في التشريع

خديجة بنيس: صحافية متدربة

جددت الجمعية الوطنية لهيئات المحامين بالمغرب تنديدها واستنكارها لمقتضيات مشاريع قانوني المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية. في اللقاء الوطني، أكدت الجمعية أن الوضعية التشريعية الحالية متسمة بتراجعات وتناقضات تؤثر سلبًا على حقوق الدفاع.

أزمة التشريع وتراجع حقوق الدفاع

قال رئيس الجمعية النقيب الحسين الزياني: “نحن اليوم أمام أزمة حقيقية في التشريع”، مشيرًا إلى أن ما يُروج له داخل بعض مؤسسات الدولة لا يحترم الحقوق الأساسية للمواطنين. وأبرز أن التشريع في المغرب بشكل عام عرف تراجعات خطيرة عن مجموعة من الحقوق المكتسبة.
وتابع النقيب الزياني مؤكدًا أن مهنة المحاماة لم تسلم هي الأخرى من الانتكاسة الحقوقية والدستورية التي تتمخض عن رحم برلمان الأمة، حيث تُعتبر هذه القوانين بمثابة تهديد لحقوق المحامين والمواطنين. وفي ظل غياب مبدأ التشاركية الدستورية، فإن مجال التشريع لا يمكن أن يواكب التطورات التنموية التي تعرفها البلاد، بل يعود بمهنة المحاماة إلى الوراء.
تشير الجمعية إلى أن مهنة المحاماة لم تحظَ بما يكفي من الدعم والتطوير، مما يجعلها تواجه انتكاسة حقوقية ودستورية. تراجعات التشريع تُعتبر بمثابة تهديد حقيقي لحقوق المحامين والمواطنين على حد سواء. وتابعت موضحة أن إضعاف حق الدفاع ليس مجرد انتكاسة قانونية، بل هو أيضًا انتكاسة في المبادئ الأساسية للعدالة.

أهمية المشاركة المجتمعية في إعداد القوانين

أكدت الجمعية أن التجارب أثبتت أهمية إشراك المجتمع المدني والمحامين في إعداد مشاريع القوانين. إذ إن هذه الفئة من الفاعلين تلعب دورًا حيويًا في ضمان أن تعكس القوانين احتياجات المجتمع وتطلعاته.
غياب هذه المشاركة يُعتبر خنقًا لعدالة النظام، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات التي يعاني منها المواطنون في مجال الولوج إلى العدالة. عندما تُسن القوانين دون الاستماع إلى آراء المحامين والمجتمع المدني، فإن النتائج غالبًا ما تكون بعيدة عن الواقع، مما يزيد من صعوبة تحقيق إصلاح حقيقي في منظومة العدالة ويعزز من الفجوات بين القوانين وما يحتاجه المواطنون فعليًا.
وبالرجوع إلى تاريخ المحاماة في النضال من أجل الحقوق الإنسانية وإصلاح البلاد، يشدد الزياني على أن ما يحدث اليوم يضعف دور المحاماة في حماية حقوق المواطنين. يُعتبر التضييق على مهنة المحاماة، من خلال تشريعات تقييدية بمثابة إعدام لحق الدفاع.
المحامون هم حماة الحقوق الأساسية، ودورهم يتجاوز تمثيل المتهمين في المحاكم ليشمل أيضًا الدفاع عن الحقوق المدنية والاجتماعية. تقليص دورهم يعني إضعاف قدرة المواطنين على الحصول على تمثيل قانوني عادل، ويضغق الثقة في النظام القضائي. لذلك، من الضروري إعادة النظر في التشريعات الحالية لضمان حماية حقوق المحامين وتعزيز قدرتهم على أداء مهامهم بكفاءة.
تعتبر الجمعية أن التشريعات الجديدة تُعسر حق الولوج إلى العدالة، حيث تركز على السرعة في إنتاج الأحكام دون استحضار حقوق المواطنين ومبدأ المساواة والحق في التقاضي، مما يُعتبر انتهاكًا صارخًا للدستور والمواثيق الدولية.

التشبت بالتعاضدية للحصول على التغطية الصحية

دعا الحسين الزياني الحضور إلى العمل والنضال من أجل الحفاظ على المكتسبات القانونية وتعزيز دور الدفاع في المنظومة العدلية، اقتداءً بمناضلي المهنة الذين أخذوا على عاتقهم تحقيق العدل وضمان حقوق كل من يلج إلى العدالة، وفقًا لما ينص عليه الدستور المغربي.
أكد النقيب الزياني أن نظام التغطية الصحية للمحامين يتكامل مع الأهداف الواردة في الرؤية الملكية لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية. يُعتبر النظام التعاضدي محوريًا لتحقيق العديد من الامتيازات للمحامي، وهو نظام لا يمكن التفريط فيه.
أبرز النقيب الزياني أن التعاضدية توفر للمحامين المنخرطين فيها ولأقربائهم، من أزواج وأبناء، الاستفادة من التغطية الصحية الإجبارية، بالإضافة إلى تأمين أساسي وتكميلي عن المرض وتأمين عن الوفاة.
شدد الزياني على أن تغييب مبدأ المقاربة التشاركية لا يمكن أن يخدم مصالح العدالة والوطن، مشيرًا إلى أن التشريع أصبح أداة للتهديد والتهميش والتضييق عن الحقوق والحريات. تدعو الجمعية الوطنية لهيئات المحامين بالمغرب إلى إعادة تقييم التشريع الحالي وضمان مبدأ التشاركية الدستورية، مع التركيز على ضرورة حماية حقوق المحامين والمواطنين. إن تحديث القوانين بما يضمن تحقيق العدالة هو واجب يتطلب جهودًا متضافرة من جميع الفاعلين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى