جياف ل”إعلام تيفي”:الجزائر لا تزال تكرر أسطوانة تقرير المصير رغم القرار الأممي” (حوار)

فاطمة الزهراء ايت ناصر

رغم الأهمية التاريخية لقرار مجلس الأمن رقم 2797 الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، اختارت الجزائر عدم المشاركة في التصويت، معتمدة على موقف ثابت طالما كرسته منذ عقود.

هذا الامتناع يعكس تمسكها بسياسة تقرير المصير والاستفتاء على استقلال الصحراء، ومحاولة الحفاظ على دورها كطرف مؤثر في النزاع، رغم أن القرار الأممي لم يترك مجالا للشك في أن الحل الواقعي يتمثل في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وفي كلمته عقب التصويت، قال الممثل الدائم للجزائر في الأمم المتحدة بنيويورك عمار بن جامع: “بلادي لم تشارك في التصويت على مشروع القرار حرصا على النأي بنفسها بكل مسؤولية، عن نص لا يعكس بشكل كاف، المبادئ الأممية فيما يتعلق بإزالة الاستعمار”.

وأضاف أن الجزائر تعتبر أن الحل العادل والدائم لقضية الصحراء يجب أن يمر حصرا عبر تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره، في إطار الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ويأتي موقف الجزائر ليوضح أن أي تقدم حقيقي في دينامية السلام والتعاون الإقليمي لن يتحقق إلا من خلال إرادة سياسية واضحة من القيادة الجزائرية للانخراط في الحوار البناء مع المغرب.

القرار الأممي رسخ الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، لكنه في الوقت نفسه يضع الكرة في ملعب الجزائر لتجاوز المواقف التقليدية وفتح صفحة جديدة من التعاون، بما يعزز الاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية ككل.

وفي حوار مع “إعلام تيفي“، أوضح الأستاذ مصطفى جياف، المحامي بهيئة الرباط والناطق الرسمي باسم هيئة المغربية للوحدة الوطنية، أن قرار مجلس الأمن رقم 2797 لم يكن مجرد خطوة عابرة، بل محطة تاريخية تعكس نجاح الدبلوماسية المغربية تحت القيادة المباشرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وأكد أن القرار يعكس وزن المغرب الدولي ومصداقية مقترحه للحكم الذاتي، ويشكل تأكيدا صريحا على السيادة المغربية على الصحراء، كما يسلط الضوء على أهمية الانخراط الإيجابي للجزائر في هذه المرحلة من أجل ترجمة المبادرة الملكية إلى واقع ملموس يخدم الاستقرار والتنمية في المنطقة.

إليكم نص الحوار:

كيف تقرأ عدم تصويت الجزائر على القرار رقم 2797 لمجلس الأمن؟

الجزائر لم تشارك في التصويت على القرار الأخير، وما تزال تكرر موقفها التقليدي بأنها ليست طرفا في النزاع، مؤكدة على ضرورة تقرير مصير الشعب الصحراوي من خلال الاستفتاء، وهو موقف لم يتغير حتى بعد اعتراف مجلس الأمن الدولي بمغربية الصحراء واعتباره الحكم الذاتي الحل الواقعي والقابل للتطبيق.

الجزائر لا تظهر أي نية للتعاون أو الانخراط في المبادرة المغربية، وأن مواقفها المتكررة تمثل عرقلة لتطبيق الحل الواقعي للحكم الذاتي، كما أنها تتجاهل الدعوات الملكية المتكررة لفتح صفحة جديدة من التعاون بين البلدين.

ما تقييمك لموقف الجزائر بعد القرار الأممي؟

موقف الجزائر يمثل تكرارا للأسطوانة القديمة التي تؤكد على الاستفتاء وحق تقرير المصير، مؤكدا أن هذا الموقف يعطل تنفيذ الحل الواقعي للحكم الذاتي ويخالف الدعوة الملكية لفتح صفحة جديدة من التعاون بين المغرب والجزائر.

والأمم المتحدة اعتبرت الجزائر طرفا محوريا في النزاع، وبالتالي رفضها الانخراط في الحل الواقعي يعقد التسوية السياسية للنزاع.

وتصريحات وزير الخارجية الجزائري الأخيرة تعكس موقف الجزائر الرافض لأي تفاوض فعلي، حيث تعتبر أن القرار الأممي الأخير لم يغير شيئا، وتكرر المطالب القديمة المتعلقة بتقرير المصير والاستفتاء.

وهذا التعنت هو استراتيجية متعجرفة، تهدف جزئيا إلى إلهاء الشعب الجزائري عن مشاكل داخلية وإيهامه بوجود تهديد دائم من المغرب.

ما هي الرسالة الملكية الموجهة للجزائر؟

خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بعد القرار الأممي تضمن دعوة صريحة للجزائر لفتح صفحة جديدة والانخراط في دينامية تعاون حقيقية، بما يتيح تنفيذ الحكم الذاتي على الأرض.

المبادرة الملكية، التي سبق أن تم تقديمها مرات عديدة، تهدف إلى تحويل المنطقة المغاربية إلى منطقة آمنة ومستقرة، عبر التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، على أساس مبدأ “رابح-رابح”.

والهدف من هذه المبادرة ليس مجرد سياسات رمزية، بل فتح الحدود بين البلدين، والعمل المشترك لتحقيق منطقة شمال إفريقية آمنة ومستقرة، تكون بعيدة عن أي نزاع مستقبلي.

المغرب، حكومة وشعبا وملكا، يسعى دائما لتعزيز التعاون مع الجزائر، وإقامة لجنة مشتركة لتبادل وجهات النظر وحل المشكلات العالقة، رغم التعنت الحالي من القيادة الجزائرية.

ما هي الشروط التي ترى أنها ضرورية لمشاركة الجزائر في الحل؟

مشاركة الجزائر الحقيقية في هذه المبادرة تتطلب إرادة سياسية حقيقية من القيادة الجزائرية، سواء على مستوى الرئيس عبد المجيد تبون أو القيادات العسكرية، للانخراط في التعاون البناء مع المغرب.

تغيير في المواقف الجزائرية يجب أن يكون نابعا من قيادة منفتحة تبحث عن مصلحة شعبها، وتفهم أن الحل الأمثل للنزاع هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وليس الاستمرار في تأجيج النزاع والخوض في أسطوانات قديمة حول تقرير المصير.

والحكم الذاتي الذي أقرتها الأمم المتحدة هو في جوهره شكل من أشكال تقرير المصير للسكان المحليين في الأقاليم الجنوبية، حيث يمنح الصحراويون الحق في إدارة شؤونهم بأنفسهم، لكن تحت السيادة المغربية، وهو الحل الواقعي والأكثر جدوى للنزاع الطويل الذي امتد لعقود.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى