حافلات النقل الحضري في فاس.. ركاب يدفعون ثمن تذكرة هلاكهم

 

خديجة بنيس: صحافية متدربة

في حادثة جديدة ومتكررة ، انقلبت حافلة للنقل الحضري في منحدر باب الجيسة بمدينة فاس، مما أسفر عن إصابة أكثر من خمسين شخصًا تم نقلهم إلى مستعجلات مستشفى الغساني لتلقي العلاج. وأفاد مصدر طبي أن 46 من المصابين غادروا المستشفى بعد تلقيهم العلاجات اللازمة، في حين تم تحويل عدد محدود إلى المستشفى الجامعي لتلقي رعاية إضافية. هذه الحادثة تبرز مرة أخرى الحاجة الملحة لإصلاح وتطوير نظام النقل الحضري في المدينة، من أجل ضمان سلامة الركاب ومنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة.

أعادت هذه الحادثة السؤال والتساؤلات المتولية والمتكررة حول شركة نهبت جيوب المغاربة جراء اختلاسات وفساد في مدينة فاس، بالنظر إلى الحافلات المهترئة المفتقرة لأبسط شروط السلامة تسير في شورع مدينة فاس وتعرض ركابها من مختلف الفئات للخطر

طالبت نادية القنصوري، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بإنهاء معاناة ساكنة مدينة فاس بسبب مشاكل النقل الحضري، في ظل توالي حوادث الحافلات، بما في ذلك حرائق متكررة.

وذكّرت القنصوري في سؤال كتابي موجه لوزير الداخلية بمعاناة التلاميذ والطلبة والعمال في ظل الظروف المعيشية الصعبة وغلاء المحروقات، مما أجبر الكثيرين على التخلي عن وسائل النقل الخاصة، بينما يواجه سكان فاس خطر الموت بسبب أسطول الحافلات المهترئ.

في هذا الصدد، سبق أن سلط الصحفي أشرف بلمودن الضوء على مشكلات حافلات النقل الحضري بمدينة فاس، مشيرًا إلى نقاط القصور التي تهدد سلامة المواطنين. وأوضح أن الجهة المفوض إليها تدبير قطاع النقل الحضري في المدينة تعاني من الفساد الذي ينعكس سلبًا على حياة ساكنة فاس.

وأبرز بلمودن أن التقارير تشير إلى وجود فارق مهم في الاستثمارات يقدر بحوالي 98.354.641.36 درهم، موضحًا أن هذا الفارق يتعلق أساسًا بشراء الحافلات. وأكد الصحفي أن التحديث الذي شهدته حافلات النقل الحضري في المدينة تم إنجازه عبر البرنامج الاستثماري الخاص باقتناء الحافلات، مستفيدًا من منح الاستثمار التي حصل عليها المفوض إليه من وزارة الداخلية.

ومع ذلك، أشار بلمودن إلى أن الموارد المخصصة للاستثمار تم استخدامها بشكل غير صحيح. فبدلًا من الالتزام بالاتفاقية التي تنص على شراء حافلات جديدة، تم توجيه هذه الموارد لتجديد حافلات قديمة كانت تابعة للوكالة المستقلة. وأوضح أن الحافلات التي كان من المفترض إخراجها من الخدمة بعد السنة الخامسة من عقد التدبير، ما زالت تُستخدم حتى اليوم، رغم أنها مهترئة وتشكل خطرًا على سلامة الركاب.

وأضاف بلمودن أن من أصل مبلغ 158.394.338.62 درهم المخصص لعتاد النقل، تم إنفاق 70.822.500.00 درهم لتجديد الحافلات القديمة بدلًا من شراء حافلات جديدة، وهو ما لا يتناسب مع معايير النقل الحضري الحديث. وأشار إلى أن تجديد هذه الحافلات لم يكن الحل الأمثل، حيث كان من الممكن شراء أسطول جديد بالكامل.

وتشير التقارير أيضًا إلى أنه في عام 2012، التزم المفوض إليه بتوفير 578 حافلة، لكن في عام 2018، تبين أن العدد الفعلي للحافلات المتوفرة لم يتجاوز 350 حافلة. هذا النقص الحاد في عدد الحافلات، الذي يشكل جزءًا من العقد التدبيري، أدى إلى تفاقم أزمة النقل في المدينة. وأكد بلمودن أن الحافلات التي كان يجب أن تُخرج من الخدمة ما زالت تجوب شوارع المدينة، مما يعرّض حياة المواطنين للخطر ويجعلهم يشعرون بأنهم “ينقلون على كف عفريت”.

وتساءل الصحفي أشرف بلمودن عن الأسباب التي تدفع الشركة المسؤولة عن تدبير النقل الحضري في مدينة فاس إلى تحميل سكان المدينة أعباءً مالية كبيرة مقابل خدمات تفتقر لأدنى معايير السلامة.

وأكد أن الركاب يدفعون ثمن تذاكرهم قبل أن يركبوا حافلات قد تكون سببًا في هلاكهم، مما يشكل استغلالًا لجيوب المواطنين. واعتبر أن هذه الحافلات المهترئة تسيء إلى سمعة مدينة فاس، المدينة ذات التاريخ العريق والحضارة الشامخة، التي أصبحت اليوم في أيدي أشخاص غير مسؤولين، لا يراعون مصالح سكانها ولا سلامتهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى