حبيب ل”إعلام تيفي”: “الخطاب الروحي الرقمي يملأ فراغ الإنسان المعاصر ويمنحه طمأنينة وهمية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد الأستاذ محمد حبيب، أخصائي اجتماعي وباحث في علم النفس، أن الخطاب الروحي الرقمي يكتسب جاذبيته لأنه يتسلل إلى أعماق النفس البشرية بلغة وجدانية دافئة، لا تطلب من المتلقي فهما علميا دقيقا ولا جهدا معرفيا معقدا، بل تمنحه شعورا فوريا بالاحتواء والطمأنينة.
وأوضح ل”إعلام تيفي” أن هذا الخطاب لا يخاطب العقل، بل يستهدف الجانب العاطفي واللاشعوري في الإنسان، عبر مخاطبة الخوف، الحاجة، والوحدة، مقدما ما يشبه الوعد السحري بالراحة النفسية والشفاء دون انتظار أو مواجهة ذاتية مؤلمة.
وكشف حبيب أن جاذبية هذا النوع من الخطاب تتضاعف في ظل شعور كثير من الناس بأن الخطاب العلمي والعلاجي فقد لمسته الإنسانية، وأن المريض داخل العيادات النفسية يعامل ببرود تشخيصي، في حين يجد في المعالج الروحي الرقمي شخصا ينصت إليه، ويتحدث بلغته، ويمنحه أملا سريعا بالتحرر من القلق أو الألم.
وأشار الباحث إلى أن الظاهرة لا ترتبط فقط بضعف الثقة في المؤسسات العلاجية، بل تعكس أزمة أعمق يعيشها الإنسان المعاصر، تتجسد في اغترابه العاطفي والروحي وسط عالم سريع ومتشظٍ فقد فيه معاني الانتماء والسكينة، فالإنسان، حسب تعبيره، يبحث عن يقين يعيد له توازنه الداخلي، حتى وإن كان يقينا وهميا.
وأوضح أن الخطاب الروحي الرقمي يملأ هذا الفراغ عبر رموز وإيحاءات دينية أو طاقية تمنح المتلقي إحساسا بالسيطرة على المجهول، وتعيد له ولو مؤقتا شعور الأمان الذي افتقده، لكنه في المقابل يحذر من خطورة هذا المسار، لأنه قد يجعل الإنسان أسير حلول سطحية لا تعالج جذور أزماته النفسية والاجتماعية.
وأكد الأستاذ محمد حبيب أن مواجهة هذه الظاهرة لا تكون بمحاربة الخطاب الروحي ذاته، بل عبر إعادة بناء الثقة في الخطاب العلمي وجعله أكثر إنسانية ودفئا، لأن العلم حين ينفصل عن الروح، يترك الإنسان فريسة سهلة لمن يبيعون الطمأنينة الافتراضية في زمن القلق الحقيقي.





