حرمان مسنة من العلاج يكشف اختلالات المؤشر الاجتماعي في استهداف الفئات الهشة

فاطمة الزهراء ايت ناصر
كشفت سيدة في عقدها السادس من العمر، إنها تعيش وضعا إنسانيا مأساويا بعد أن حرمت من حقها في العلاج منذ إلغاء نظام الرميد وتعويضه بنظام أمو تضامن.
وأوضحت السيدة، ل”إعلام تيفي”، التي فقدت رجلها سنة 2003 بسبب خطأ طبي، أنها اصيبت بداء السكري، وتم نقلها إلى المستشفى، غير أن الطاقم الطبي رفض تقديم العلاج لها بدعوى أنها غير مسجلة في نظام أمو تضامن.
وأضافت بأسف شديد: “لقد أخبروني أنني لا أتوفر على التأمين الصحي، وطلب مني أداء المبلغ قبل تلقي العلاج، رغم أنني لا أملك ما أعيل به نفسي”.
وتابعت قائلة إنها تبلغ من العمر 62 سنة، وتعيش من دون أي مورد رزق، مشيرة إلى أنها كانت تستفيد في السابق من خدمات نظام الرميد الذي كان يغطي تكاليف علاجها، لكن بعد إلغائه لم تعد قادرة على الاستفادة من أي خدمة صحية.
وأضافت أن وضعها الاجتماعي ازداد سوءا، إذ تعيش مع ابنها المتزوج الذي فقد عمله منذ مدة، بينما تتكفل زوجته بتأمين مصاريف المعيشة بصعوبة بالغة، مؤكدة أنها لا تملك حتى ثمن الدواء، ولا تستطيع أداء مبلغ 200 درهم الذي تطلبه المصالح الإدارية من أجل التسجيل في النظام الصحي الجديد.
وقالت السيدة بنبرة يائسة: “أعيش اليوم في وضع صحي حرج، لا دعم اجتماعي، ولا تأمين صحي، ولا أي مورد للعيش الكريم، لقد كنت أستفيد من العلاج، أما الآن فقد أصبحت عاجزة عن تلقي أبسط الخدمات الصحية رغم وضعي الصحي الحرج وإعاقتي الدائمة”.
وتتوفر “إعلام تيفي” على صور لقدم السيدة، لكن قررت عدم نشرها لكونها حساسة، احتراما للقارئ.
وأصبح المؤشر الاجتماعي المعتمد لتحديد المستفيدين من الدعم العمومي موضوع جدل واسع بين المواطنين، بعد أن تبين أن عددا كبيرا من الأسر الهشة لم تعد تستفيد من الخدمات الاجتماعية، رغم أوضاعها المعيشية الصعبة، وتأتي هذه الانتقادات عقب شكاوى متزايدة من مواطنين فقدوا حقهم في التأمين الصحي أو الدعم المالي بسبب ما وصفوه باختلالات في احتساب المؤشر وعدم مراعاته للواقع الاجتماعي الحقيقي.
ففي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة أن نظام المؤشر يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية واستهداف الفئات الأكثر حاجة، يرى العديد من المتضررين أن المعايير المعتمدة لا تعكس بدقة أوضاعهم المعيشية، إذ تعتمد على بيانات تقنية وإدارية لا تظهر حجم المعاناة اليومية التي يعيشها الكثير من المواطنين، خاصة في العالم القروي أو بين الأشخاص في وضعية إعاقة.
وتشير شهادات كثيرة إلى أن بعض الأسر التي لا تتوفر على أي مورد مالي لم تحصل على نقاط كافية ضمن المؤشر تؤهلها للاستفادة من نظام أمو تضامن أو من الدعم الاجتماعي المباشر، في حين استفادت أسر أخرى تعيش في وضع أفضل نسبيا.
من جانب آخر، حذر مختصون من أن استمرار هذه الوضعية من شأنه أن يكرس الإقصاء الاجتماعي ويضعف ثقة المواطنين في برامج الدولة، داعين إلى مراجعة عاجلة للمؤشر المعتمد بما يراعي الفروق بين الحالات، ويأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الصحية والإعاقات والبطالة وظروف المعيشة الحقيقية.
كما شددوا على ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية وتمكين المواطنين من آليات الاعتراض أو المراجعة دون عراقيل مالية أو بيروقراطية.
ويبدو أن نجاح الورش الاجتماعي الجديد مرهون بمدى قدرة الحكومة على معالجة هذه الاختلالات، وضمان أن يكون المؤشر الاجتماعي أداة للإنصاف لا سببا جديدا للمعاناة، خاصة بالنسبة للفئات التي ظلت لعقود تعاني الهشاشة وتنتظر أن تجد في هذا النظام سندا لا عبئا إضافيا.
				




