
حسين العياشي
مع اقتراب نهاية تاريخ صلاحية الولاية التشريعية الحالية، تبرز النائبة البرلمانية، ياسمين المغور، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، من بين أبرز النماذج البرلمانية “الكسلانة” التي تكتفي بمشاهدة المنقشات من بعيد دون أي رغبة حقيقية في التأثير أو المساهمة، داخل الجلسات العمومية، ولو بأخذ الكلمة لإلقاء التحية. أربع سنوات مرت، دون أن تترك أي بصمة تذكر في العمل البرلماني. لا تشريع، لا مساءلة، ولا حتى كلمة مؤثرة داخل قبة البرلمان. وكأن البرلمان بالنسبة لها مجرد مكان للجلوس، الاسترخاء، وخطف بعض الظهور الإعلامي خلف كل من يأخذ الكلمة.
في كل دورة تشريعية، يعقد مجلس النواب جلسة أسبوعية واحدة على الأقل، لكن حصيلة ياسمين المغور خلال كل هذه الجلسات، لا تتعدى ثلاثة أسئلة فقط، طرحتها كلها في سنة 2023.

أما السنوات الثلاث الأخرى، فقد كانت غائبة تمامًا عن أي مشاركة أو حضور ملموس. لا إسهامات في النقاشات، ولا مبادرات تشريعية، بل الأغرب من ذلك هو غياب أي اهتمام حقيقي بقضايا المواطنين. فالوزراء يتوافدون إلى البرلمان بشكل دوري للمساءلة، لكن ياسمين المغور تفضل البقاء في موقع المتفرج، غير مكترثة بمسائل تمس المغاربة والشباب الذين من المفترض أن تمثلهم.
لكن المفارقة، تتفجّر كلما فتح باب التعقيبات، إذ تتحفنا النائبة مكررة ذات السلوك، بمداخلات خارجة عن السياق، وكأنها لا تجد ما تناقشه سوى مهاجمة الحكومات السابقة أو التطبيل للحكومة الحالية، في الوقت الذي ينصب غضب الشارع تجاهها، دون أن تقدم أي حلول أو طرح حقيقي. هذا ما رد عليه النائب عبد الله بوانو بشكل صارم حينما حاولت المغور الدخول معه في جدال بعيد عن موضوع النقاش، ليقول لها: “إذا أخذتِ الكلمة، فتحدثي في سياق الموضوع، وخروجك عن هذا السياق دليل على أنه ليس لديك ما تقولينه.” بل ولم تقتصر الانتقادات على بوانو، إذ ألزمتها رئيسة لجنة المالية، رغم انتمائها هي كذلك لحزب “الأحرار”، بضرورة احترام الموضوع المطروح خلال مناقشة مشروع قانون مالية السنة 2026، مما وضعها في موقف محرج أضاف المزيد من السخرية إلى المشهد البرلماني خاقة مع تركيبة هذه الولاية التاريخية والتي لم يسبق لها مثيل، حسب النائبة.
هذه المشاهد المتكررة تعكس واقعًا المؤلمًا، النائبة التي تقتصر مداخلاتها على مهاجمة الحكومات السابقة لتبرير تعثرات الحكومة الحالية أو التطبيل للحكومة وقت الأزمات، تغيب تمامًا عن الأدوار الحقيقية للنائب المنتخب. لا مساهمة حقيقية في التشريع ولا في معالجة قضايا المواطنين. تقتصر إسهاماتها على الكلام “الفارغ” الذي لا يغير شيئًا، ويعكس صورة نمطية عن “البرلمانيين” الذين أفقدوا ثقة المواطنين في العمل السياسي.
وفي الختام، تظل حصيلة النائبة ياسمين المغور مثالاً صارخًا على تفشي ظاهرة “الوجود الصوري” في البرلمان، حيث يكاد يكون لها دور في الشكليات فقط دون أن تساهم في أي خطوة ملموسة نحو التغيير أو خدمة المواطن. قد يكون من السهل على البعض البحث عن الأضواء في الصفوف الأمامية، ولكن ما يصعب على هؤلاء هو تحمل مسؤوليات المنصب ومواكبة التضحيات التي يتطلبها.
ومع اقتراب نهاية هذه الولاية التشريعية، سنخصص في المناسبات القادمة وقفة نقدية مع حصيلة أداء العديد من الأسماء البرلمانية التي تسابقت نحو الصفوف الأمامية، لكن غاب عنها أي إسهام حقيقي في تعزيز دور البرلمان كأداة للتغيير والتطوير. فما يهم هذه الأسماء ليس العمل الجاد ولا خدمة المواطنين، بل الحفاظ على موقعها في المشهد السياسي، حتى وإن كانت حصيلتها فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع.





