حصيلة 2024… تحديات كبرى وإصلاحات متعثرة (تقرير)

إيمان أوكريش: صحافية متدربة
عقد المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل اجتماعه نهاية سنة 2024، حيث قام بمراجعة وتحليل شامل للحصيلة الحكومية للعام ذاته.
سجلت المنظمة الديموقراطية للشغل، عبر تقرير لها، بفخر ما تم تحقيقه من مكاسب في ملف الوحدة الترابية بفضل الدبلوماسية الملكية، التي أسهمت في تعزيز الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية، التي تعتبر حلاً واقعياً ودائماً للنزاع المفتعل من قبل جيران المملكة.
كما تم تسليط الضوء على الشراكات الاستراتيجية التي تم بناؤها في مجالات الاقتصاد والطاقة المتجددة، فضلاً عن الحضور القوي الذي يحظى به المغرب في الاتحاد الإفريقي ومبادراته الملكية للتنمية في إفريقيا.
وأكد التقرير على الدور الإيجابي للمغرب في تسوية النزاعات مثل النزاع الليبي، وفي مواجهة التهديدات الأمنية والإرهابية في الساحل الإفريقي، علاوة على دعمه الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أشار التقرير إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في بعض القطاعات مثل الطاقة والصناعة والسياحة، مما يعكس الثقة المستمرة في الاقتصاد الوطني.
كما تم التطرق إلى تنفيذ الميثاق الجديد للاستثمار وصندوق محمد السادس للاستثمار، مما ساهم في تحسن تدريجي لمناخ الأعمال. وذكر التقرير أن تحويلات مغاربة العالم بلغت 108.67 مليار درهم. لكن التقرير أشار أيضاً إلى أن المغرب يواجه تحديات كبيرة، أبرزها تباطؤ النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز 3%.
كما سلط الضوء على ضعف الإنتاجية الوطنية، وعدم القدرة على مواجهة آثار الجفاف والإجهاد المائي بسبب التغيرات المناخية المستمرة، مما يعكس اعتمادية الاقتصاد المغربي على استيراد جزء كبير من المواد الأساسية.
وأوضح التقرير أن المغرب صُنِّف في المرتبة السادسة بين أكبر مستوردي القمح في العالم، مما يجعله عرضة لتقلبات السوق الدولية وارتفاع أسعار المواد الأولية والسلع.
كما أشار إلى تفاقم عجز الميزان التجاري بنسبة 6.5% ليبلغ 275.74 مليار درهم في نوفمبر 2024 مقارنة بـ 258.83 مليار درهم في 2023، وارتفاع المديونية الخارجية إلى مستويات قياسية، نتيجة الالتزامات المرتبطة ببناء بنية تحتية لاستضافة كأس العالم 2030، إضافة إلى نفقات أوراش الحماية الاجتماعية.
وتطرق التقرير إلى قضية ضعف الصناعة المغربية، إذ أشار إلى أن المغرب يواجه تحديات كبيرة في هذا القطاع، رغم وجود تحفيزات حكومية، مبرزا أن العديد من المستثمرين المغاربة يفضلون البحث عن أرباح سريعة في القطاعات غير المنتجة، في حين أن عملية التصنيع في المغرب تحتاج إلى دعم أكبر للمنافسة وتذليل الحواجز الإدارية والضريبية التي تعرقل التطور الصناعي.
وفي ما يخص الحصيلة الاجتماعية لسنة 2024، سجل التقرير تزايدًا في معدلات البطالة والفقر والتفاوت الاجتماعي، رغم بعض الجهود الحكومية، على غرار أوراش الحماية الاجتماعية وبرنامج الدعم المباشر للأسر الفقيرة.
وشهدت البلاد زيادة في معدلات البطالة، حيث انتقلت من 13% إلى 21%، مما يعكس أزمة حقيقية، خاصة بين فئة الشباب (من 15 إلى 24 سنة) وحاملي الشهادات الجامعية، مما يشير إلى فجوة كبيرة بين مخرجات النظام التعليمي ومتطلبات سوق الشغل، إلى جانب معاناة أكثر من 20 ألف مقاولة وطنية من الإفلاس وتسريح موظفيها، مما يفاقم أزمة البطالة.
أما في ما يتعلق بفقر الطبقات الاجتماعية، فقد أدى تفاقم البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة إلى زيادة تكاليف المعيشة، مما أسهم في ارتفاع نسبة السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر أو يعانون من الهشاشة الاقتصادية.
وفي ما يخص الزيادة في الأجور، فلم يتجاوز الحد الأدنى للأجور 3045 درهمًا شهريًا في القطاع الخاص، بينما في القطاع الزراعي لا يتجاوز 2255 درهمًا.
ومع ارتفاع تكاليف المعيشة بنسبة تتراوح بين 15% و30%، فإن هذه الزيادات لم تحقق أهدافها في تحسين الوضع المعيشي للطبقة العاملة.
وأشار التقرير إلى أن أغلب المتقاعدين يتقاضون معاشات شهرية لا تتجاوز 800 إلى 1500 درهم، دون الاستفادة من الزيادات التي حصلت عليها الفئة النشيطة في العمل.
وحسب تقرير المنظمة، فإن المنظومة التعليمية في المغرب متخلفة عن الركب العالمي، إذ احتلت المرتبة 98 من أصل 141 دولة شملها مؤشر المعرفة العالمي لعام 2024.
كما حصلت على المرتبة 122 عالميًا في مؤشر القوى العاملة الحاصلة على تعليم عال، فيما بلغ ترتيبها المرتبة 138 في مؤشر بطالة خريجي الجامعات. إلى جانب الهدر المدرسي، حيث يغادر أكثر من 300 ألف تلميذ وتلميذة فصول الدراسة سنويًا دون شهادة.
أما القطاع الصحي، فيظل نحو 8.8 مليون شخص في المغرب خارج التغطية الصحية، كما تشير الإحصاءات إلى أن الأسر المغربية تتحمل أكثر من 54% من النفقات الصحية، مما يتجاوز النسبة التي حددتها منظمة الصحة العالمية.
ويعزى هذا، حسب التقرير، إلى ضعف استرجاع مصاريف العلاج وارتفاع أسعار الأدوية والخدمات الصحية في القطاع الخاص. كما أن القطاع العام الطبي يعاني من مشاكل هيكلية تجعل من المستشفيات العمومية غير قادرة على المنافسة، مما يؤدي إلى هيمنة القطاع الخاص على نفقات التأمين الصحي.
وفي ما يتصل بحق السكن، تشير الأرقام إلى أن الحكومة لم تصرف إلا نسبة ضئيلة من الميزانية المخصصة للسكن الاجتماعي، مما يزيد من معاناة الأسر في الحصول على مسكن مناسب.
كما أن الظواهر المرتبطة بالسكن العشوائي لا تزال منتشرة في العديد من المناطق، ولا سيما في المدن الكبرى. إضافة إلى ذلك، يعاني العديد من أسر ضحايا الزلزال من ظروف قاسية في المخيمات والخيام التي لا توفر الحد الأدنى من شروط الحياة الكريمة.
من جهة أخرى، يظل الفساد عقبة كبيرة في مسار التنمية، حيث أظهرت التقارير أن الفساد يكلف الاقتصاد المغربي نحو 50 مليار درهم سنويًا.
هذه المبالغ تؤثر سلبًا على الموارد المالية للدولة، مما ينعكس على المناخ الاقتصادي ويقلل من الثقة في المؤسسات.
وفي ما يتعلق بالحقوق والحريات، شهدت سنة 2024 بعض التراجعات في هذا المجال، خاصة مع استمرار متابعة الصحافيين والنشطاء الحقوقيين. ورغم التقدم الذي أحرزه المغرب على المستوى الدولي في مجال حقوق الإنسان، فقد ظل مؤشر الحرية الإنسانية يشير إلى تراجع ملحوظ، حيث احتل المغرب المرتبة 130 من أصل 165 دولة.