حقوقيون يطالبون بإحالة المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية

بشرى عطوشي
لاقى إسقاط المحكمة الدستورية لثمانية مواد من قانون المسطرة المدنية، استحسان عدد كبير من الحقوقيين، وتعالت في هذا الصدد مطالب حقوقية بعرض قانون المسطرة الجنائية على هذه المؤسسة الدستورية حتى تحسم في بعض المواد التي لاتبدو لأغلبهم دستورية.
محمد حركات الخبير القانوني والمحامي في الرباط، اعتبر أنه من العار التاريخي والأخلاقي، عدم التصدي للفساد من خلال منعه متابعة المفسدين من المادة 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، مشيرا إلى أن هذا الأخير يعمل على تكبيل النيابة العامة من تحريك الدعاوى المرفوعة من طرف المجتمع المدني إلى القضاء في الموضوع،
وأكد محمد حركات في تدوينة له على حسابه بالفايسبوك، أن معرقل التنمية في البلاد هو الفساد أساسا.
وأضاف: ” عار كذلك استثناء مشروع المسطرة المعنية من الاحالة على المحكمة الدستورية اعتبارا للعلاقة الوطيدة ما بين قانون المسطرة الجنائية وقانون المسطرة المدنية هذه الاخيرة التي تم التصدي لها مؤخرا، عربون ضعف تشريعي بائن او سكوت تنازع مصالح عند اغلبية “ممثلي الامة” في الدفاع عن الدستور… وملاءمة القوانين مع فلسفة الدستور بكل حذافيره..!!” يكتب حركات.
في السياق ذاته، بدوره كتب وزير العدل السابق أن مصطفى الرميد في تدوينة له، “كم كنت أتمنى لو أن قانون المسطرة الجنائية، الذي يُعد أكثر ارتباطًا بالحقوق والحريات مقارنةً بقانون المسطرة المدنية، خضع بدوره للفحص الدستوري، من أجل حسم النقاش الحاد القائم بشأن بعض مقتضياته الخلافية”
وأضاف الرميد “إن قرار المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 4 غشت 2025، بشأن قانون المسطرة المدنية، والذي قضى بعدم دستورية بعض مواده، يُبرز أهمية الدور الذي تضطلع به هذه المحكمة في ترسيخ أسس دولة الحق والقانون، وكذا في أداء دورها التحكيمي بين مختلف المؤسسات، والفرقاء السياسيين، وغيرهم”.
كما نبه الوزير الأسبق إلى استمرار تعطيل صدور مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية، والذي يُعد آخر قانون تنظيمي لم يرَ النور بعد، ضمن قائمة القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور، والتي تم إخراج معظمها إلى حيز الوجود”.
وتابع مصطفى الرميد، بأن صدور هذا النص من شأنه أن يُمكّن جميع الأشخاص الذين يُواجهون، قضائيًا، مقتضيات قانونية يعتقدون بعدم دستوريتها، من الطعن فيها أمام المحكمة الدستورية.
وخلص المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات الأسبق الى القول، “إن الاستمرار في تأخير إصداره، من شأنه أن يؤدي إلى تعطيل مقتضى دستوري هام، يرتبط بالحقوق الدستورية الأساسية، فضلًا عن تكريس حالة من الريبة التشريعية التي لا مبرر لها”.
محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، بدوره استحسن قرار المحكمة الدستورية الصادر والقاضي بإسقاط بعض التعديلات في المسطرة المدنية.
واعتبر الغلوسي في تدوينته أن قرار المحكمة الدستورية، يعد ” صفعة في وجه حكومة يتقن وزراؤها التنطع والتهريج والصراخ الفارغ، وزراء حين يتكلمون تشعر انهم لايفقهون في القانون ولا في السياسة ولكن يجيدون جيدا تهديد المغاربة والاستقواء على الضعفاء وتوظيف البرلمان للتشريع لحفنة من المستفيدين من واقع الفساد والريع والاثراء غير المشروع ”
وتابع الغلوسي في تدوينته ” نجد اليوم حكومة الأوليغارشية المالية تتردد في احالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية خوفا من ان ترتد نصوصها ضد رغبتها السياسية في اغلاق الحقل المدني وتجريم التبليغ عن الفساد وحماية زبنائها المتورطين في نهب المال العام واستغلال مواقع المسؤولية لمراكمة الثروة “.
وسجل “في الوقت الذي منحت حكومة تضارب المصالح والإثراء غير المشروع صلاحيات للنيابة العامة بالطعن ضد الاحكام النهائية دون تقييدها بأي أجل كما هو حال المادة 17 من المسطرة المدنية المذكورة أعلاه، فانه وبخلاف ذلك فانها منعت النيابة العامة من تحريك الابحاث والمتابعات القضائية ضد لصوص المال العام كما تفيد المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية ”
واعتبر محمد الغلوسي ان هذه مفارقة غريبة ذلك انه لما تعلق الأمر بحقوق عامة الناس فإنها منحت للنيابة العامة سلطة مطلقة، وقيدتها وغلت يدها وتطاولت على صلاحياتها كلما تعلق الأمر بالنخبة المتورطة في نهب واختلاس المال العام (المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية).