
نجوى القاسمي : صحافية متدربة
في نهاية شهر رمضان، وعندما يزهر العيد ببهجته، يحرص الكثير من المغاربة على إحياء عادة “حق الملح” أو ما يعرف بـ”التكبيرة”، كلمسة امتنان للمرأة التي كانت طوال الشهر الكريم شعلة من العطاء والصبر والتفاني.
هذه العادة ليست مجرد هدية تُقدم، بل هي رسالة محبة تُكتب بذهب التقدير وفضة العرفان، تعبيرا عن الاعتراف بالمجهودات المضنية التي تبذلها الزوجة، الأم، الأخت أو الابنة، وهي تسهر على راحة العائلة، تصنع الدفء في الأركان، وتنثر البهجة على موائد الإفطار والسحور.
“حق الملح” في المغرب ليس فقط تقليدا متوارثا، بل هو انعكاس لروح المجتمع المغربي الذي يقدّر الوفاء، ويعلي من شأن المودة والترابط الأسري.
إنها عادة تحمل في طياتها أكثر من مجرد هدية، فهي بمثابة اعتذار صامت يقدمه الرجل، تعويضا عن تقصيره في مشاركة الأعباء المنزلية، وهي في الوقت ذاته عربون محبة، يرسخ القيم الأصيلة التي ما زالت تنبض في نسيج الأسرة المغربية، رغم تغير الزمن وتبدل الظروف.
وفيما تجاوزت العديد من المجتمعات العربية والإسلامية هذا النوع من العادات بفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية، بقي “حق الملح” شاهدا على كرم المغاربة ووفائهم، ليظل عيد الفطر موعدا لا يقتصر على فرحة الصيام، بل يحمل أيضا وعدا بالتقدير والاحترام لمن تصنع من أيام رمضان لوحة من الجهد والعطاء.





