حوار اجتماعي مجمَّد.. وأعباء تتفاقم: قراءة “C.D.T” في لحظة الانكماش الاجتماعي

حسين العياشي
في سياق التوتر الاجتماعي حمّلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل المسؤولية للحكومة جراء ما تصفه بتجميد الحوار الاجتماعي وتجاهل المطالب الملحّة للشغيلة وعموم المواطنات والمواطنين. وبحسب البلاغ، فإن تغييب النقاش العمومي حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 و”تهريبه” مباشرة إلى البرلمان، حرم الرأي العام من مناقشة توجهاته الكبرى، رغم أن القانون المالي—وفق منظور الكونفدرالية—مسألة عمومية تهمّ جميع المغاربة.
كما تسجّل الكونفدرالية، عبر بلاغٍ صادر عن مكتبها التنفيذي المنعقد بالمقر المركزي في الدار البيضاء، أنّ الرفع المعلَن لميزانية الصحة والتعليم إلى 140 مليار درهم لا يُخفي، بحسبها، حجم الاختلالات البنيوية ومظاهر الفساد، ولا يبرّر إلباس مشروع القانون المالي صفة “الدولة الاجتماعية” ما دام العمق الاجتماعي غائبًا عن فلسفته. وتستدلّ الكونفدرالية، كما ورد في بلاغها، بطرح مشروع قانون التعليم المدرسي بالتوازي مع قانون المالية، معتبرةً أنه يُشرعن لخوصصة التعليم وتسليعه والمسّ بمجانيته، في تعارضٍ—كما تقول—مع مبادئ العدالة الاجتماعية.
وتضيف الكونفدرالية أن الرفع من الاستثمارات العمومية تحوّل، بحسب تقديرها، إلى “هدية” للقطاع الخاص، بدل أن ينهض هذا الأخير بدوره في تنشيط الاستثمار وخلق فرص الشغل. وتشير، وفق معطياتها، إلى اختلالاتٍ في توزيع الاستثمارات العمومية تُعمّق الفوارق المجالية، حيث تستحوذ خمس جهات فقط على حوالي 60% من إجمالي الاستثمار العمومي، وهو ما تعتبره رسالةً سلبيةً لباقي الجهات.
وفي ما يتعلّق بالحريات النقابية، تدين الكونفدرالية، حسب بلاغها، استمرار التضييق الممنهج، وتستشهد بما تتعرض له النقابة بشركة TIMAR بالدار البيضاء من طرد وتمييز ومتابعات “انتقامية” في حق مناضلاتها ومناضليها. وتطالب السلطات العمومية بالتدخل الفوري لوقف هذه الممارسات غير القانونية وضمان حرية العمل النقابي. كما تجدّد الكونفدرالية تضامنها مع قطاعاتها المنخرطة في معارك نضالية، ومن بينها النقابة الوطنية للصحة في مراكش دفاعًا عن حقوق الشغيلة الصحية، وعمال النظافة بجماعة مولاي بوسلهام المعتصمين قرابة سنتين بعد استبدالهم بعمال جدد في ما تصفه بخرقٍ سافر لمدونة الشغل، مطالبةً بتفعيل القانون وإرجاع العمال إلى عملهم.
وبهذا الموقف المعلَن، تختتم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بلاغها بالإشارة إلى أنّ الأرقام وحدها لا تبني دولةً اجتماعية، وأنّ الحوار الاجتماعي الحقيقي، والعدالة الضريبية، وتوزيع الاستثمار على نحوٍ يقلّص الفوارق، وحماية الحرّيات النقابية، هي شروطٌ، كما تؤكد، لاستعادة الثقة وصون الكرامة وتحويل السياسات العمومية إلى حقوقٍ ملموسة في حياة الناس. وتُحمِّل الكونفدرالية الحكومةَ مسؤولية فتح قنوات تفاوضٍ جدّية، وتؤكد استمرارها في الدفاع عن مطالب الشغيلة وحقوقها ضمن الثوابت التي عبّرت عنها في اجتماع 22 أكتوبر 2025.





