خديجة الكور: غياب التمكين الاقتصادي يفاقم بطالة النساء ويزيد من تهميشهن في سوق الشغل

 

خديجة بنيس: صحافية متدربة

ارتفعت نسبة بطالة النساء إلى 19.8%، وفقًا لمعطيات مندوبية السامية للتخطيط، مما يشير إلى تراجع ملحوظ في نشاط النساء. وعلى الرغم من التزام الحكومة برفع نسبة نشاط النساء إلى 30%، إلا أن الواقع والأرقام تظهر عكس ذلك.

وتفاعلا مع الموضوع أفادت خديجة الكور رئيسة منظمة النساء الحركيات أن ارتفاع معدل البطالة في أوساط النساء بالمغرب راجع إلى عوامل بنيوية مرتبطة بوضعية سوق الشغل بالمغرب.

وأوضحت الكور أن فرص الشغل المتوفرة في المغرب على مستوى الاستثمار العمومي تتجه بالدرجة الأولى إلى إعادة تأهيل البنيات التحتية من طرق وموانئ ومطارات إلى غير ذلك، وبالتالي فإنها توفر فرص الشغل للرجال بالدرجة الأولى.

لذلك، فإن نسبة حضور المرأة في سوق الشغل المرتبط بإحداث البنيات التحتية المهيكلة هي ضئيلة جداً مقارنة بحضور الرجل.

وأضافت المتحدثة أنه إبان جائحة كوفيد-19 تم تسريح نسبة كبيرة من النساء لأنهن يعتبرن فئة هشة، وتعرضن لعملية التسريح أكثر من الرجال خلال الأزمة التي ما زالت تداعياتها مستمرة إلى اليوم.

وأبرزت رئيسة منظمة النساء الحركيات أن قطاع النسيج يعتبر واحدًا من القطاعات التي توفر فرص الشغل للنساء، وهذا القطاع يعرف أزمة حادة لأنه اليوم أصبحنا نتجه إلى الاستيراد باعتباره أقل كلفة، وبالتالي فإن عددًا من المعامل التي كانت تشتغل في مجال النسيج وتعرف حضور يد عاملة نسوية كبيرة أغلقت أبوابها اليوم.

وفي ظل موجة الجفاف التي عرفتها بلادنا في السنوات الأخيرة، وبالنظر إلى النسبة الكبيرة من النساء النشيطات اللواتي يشتغلن في المجال الزراعي، فإن هذا ساهم أيضًا في تكريس وضعية الهشاشة فيما يخص نشاط النساء.

وأردفت خديجة الكور أن الاقتصاد التضامني  كان من بين المجالات التي نشطت فيها النساء، حيث اتجهت العديد منهن إلى خلق التعاونيات في عدة مجالات مما مكنهن من توفير دخل نسبي قار،  وبما أن الاقتصاد التضامني يعاني بدوره من ويلات الجفاف نظراً لارتباط العديد من التعاونيات بالنشاط الفلاحي، مما أدى إلى فقدان العديد من مناصب الشغل وتراجع نسبة نشاط النساء في المجتمع.

وأوردت المتحدثة أن البرامج التي راهنت عليها الحكومة لتوفير فرص الشغل في مجال المقاولة الذاتية، مثل “فرصة” و”انطلاقة”، لم تتضمن مقاربة النوع بالشكل الكافي، في ظل غياب ثقافة إنشاء المقاولات عند النساء، وبالتالي لم تحقق الأهداف المنشودة على أرض الواقع كما كان مخططًا لها، في المقابل تورط العديد  من النساء والشباب في قروض بعد فشل تنفيذ هذه البرامج، وفق الكور

وسجلت خديجة الكور أن المغرب لم يحقق تقدماً إيجابياً على مستوى التمكين الاقتصادي للنساء، وهذا راجع إلى عدم رصد التجارب الناجحة وإحداث آليات لتبادلها وتقاسمها والعمل على تكرار النموذج، ودعم ثقافة المقاولة والمبادرة المقاولاتية عند المرأة.

وشددت المتحدثة على أن التمييز ما زال حاضراً، سواء على مستوى الأجور أو في التعامل مع المرأة في سوق الشغل، مما يزيد الطين بلة. وأشارت إلى أن العديد من النساء يعانين من التهميش والتحرش، ويكن أكثر عرضة للتسريح مقارنة بالرجال.

إلى جانب ذلك، أوضحت أن هذا التمييز لا يقتصر فقط على القطاع الخاص، بل يمتد أيضاً إلى القطاع العام، حيث تتعرض النساء لنفس العقبات والحواجز التي تحول دون تحقيقهن التمكين الاقتصادي الكامل. لذا، من الضروري تبني سياسات صارمة لمكافحة التمييز والتحرش في أماكن العمل، وتوفير بيئة عمل آمنة وشاملة تعزز المساواة بين الجنسين. كما يجب تكثيف الجهود لرفع الوعي بأهمية تمكين المرأة اقتصادياً وتعزيز مشاركتها في سوق العمل على قدم المساواة مع الرجل.

ونبهت رئيسة النساء الحركيات إلى  أن المغرب قطع أشواطا مهمة فيما يخص ضمان الحقوق السياسية للمرأة وحضورها في تدبير الشأن العام إلا أن الحقوق الاقتصادية ووضعية المرأة في سوق الشغل لم تحظى بالأهمية اللازمة في نقاشها وتنزيلها.

وتابعت المتحدثة أن الأرقام التي تهم وضعية المرأة في سوق الشغل تكون مجزأة ومفرقة في عدد من التقارير، مشيرة إلى أن المؤسسات الإحصائية والمكلفة بالدراسات داخل المجتمع المغربي لا تعتمد إحصائيات “مجندرة “”تدرس وضعية المرأة فيما يتعلق بسوق الشغل.

وبالتالي، فإن المغرب بحاجة إلى تطوير نظام إحصائي مبني على مقاربة النوع، وإلى إحداث مرصد وطني أو خلايا بحثية تُعنى بالوضعية والحقوق الاقتصادية للمرأة.

وفي هذا السياق دعت إلى ضرورة خلق مرصد يشخص وضعية المرأة في سوق الشغل وتطور المؤشرات المرتبطة بها، وبلورة مؤشرات تبرز مستوى تقدم المغرب في تجاوز جميع المعيقات التي تحول دون حضور المرأة في سوق الشغل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى