خطاب “العام زين” ينهار أمام ضغط “جيل Z”.. شبيبة أخنوش تعترف أخيرًا بالخلل

حسين العياشي
عقدت الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية اجتماعًا استثنائيًا، مساء الخميس 2 أكتوبر بالدار البيضاء، لمناقشة آخر التطورات السياسية والاجتماعية في البلاد، خصوصًا بعد التعبيرات الشبابية المطالبة بتحسين الخدمات الاجتماعية في مجالي الصحة والتعليم. وحرصًا على الواقعية، اعترفت الفيدرالية في بيانها بأن الحكومة تواجه صعوبات جمة وأن العديد من العقبات المرتبطة بقطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم لم تُحل بعد، وهو اعتراف غير مسبوق يعكس جزئيًا إدراك قيادة الحزب لتراكم إخفاقات حكومتهم، رغم ما كان يُروَّج له سابقًا من “منجزات تاريخية”.
وإذا كانت الفيدرالية قد أشادت في بيانها بتجاوب الحكومة مع هذه المطالب واستعدادها للحوار، فإن المحللين والمتابعين للشأن العام يرون أن هذا الخطاب لا يمكن قراءته بمعزل عن الواقع الميداني الذي كشف عن إخفاقات فادحة للحكومة التي يقودها حزب الأحرار. فهؤلاء الذين كانوا في الماضي القريب يتغنون بمنجزات تاريخية، انكشفت حقيقتها مع الأحداث الأخيرة، وأثبتت أن خطاب الإنجازات كان في كثير من الأحيان حبرًا على ورق.
المحللون اعتبروا أن محاولة الفيدرالية ربط العقبات الحالية بما ورثته الحكومة عن سابقاتها، هي محاولة مكشوفة للتملص من المسؤولية، خصوصًا وأن حزب الأحرار لطالما كان جزءًا لا يتجزأ من الحكومات المتعاقبة، وكان له الدور الأكبر في السياسات التي أنتجت تراكمات أعاقت الإصلاح في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم. الدفاع عن هذه الإخفاقات تحت ذريعة الإرث السياسي لا يبرر الفشل الراهن، ويكشف عن غياب المحاسبة الحقيقية للأداء الحكومي.
من جهة أخرى، تشير الوقائع إلى أن الانتقادات الشبابية جاءت نتيجة واقع ملموس من التأخر في الخدمات العمومية، وغياب تفاعل الحكومة مع احتياجات المواطنين اليومية. فالقطاع الصحي يعاني من اختلالات كبيرة رغم الميزانيات المتزايدة، والتعليم يشهد تراجعًا في الجودة وسط ازدياد أعداد المدارس الخصوصية المفروضة عمليًا على الأسر بسبب تدهور المدارس العمومية.
كما أشار المحللون إلى أن سياسات الحكومة، التي تمارسها تحت شعار الإصلاح، غالبًا ما تمهد الطريق للخواص وتفتح المجال للامتيازات والمصالح الضيقة، وهو ما اعترفت به شبيبة الأحرار ضمنيا في بلاغها، حينما أكدت بأن لوبيات ومصالح نافذة هي من تستفيد من هذا الوضع القائم، بينما المواطن العادي لا يلمس أي تحسن على أرض الواقع.
الواضح أن النقطة المشتركة بين المؤيد والمعارض، هي كون الأزمة الراهنة ليست مجرد لحظة احتجاج عابرة، بل هي نتيجة تراكم سياسات فاشلة امتدت لعقود، والتي استمرت الحكومة الحالية في نهجها، معتمدة على خطاب تضليلي يغطي إخفاقاتها، ويخفي عجزها عن تقديم حلول حقيقية ومؤثرة للمواطنين، حسب رأي بعض المحللين.
في مقابل كل هذا، شباب “جيل z” يؤكدون أن المطلوب ليس مجرد حوارات شكلية أو استعراضات إعلامية، بل خطوات عملية وجريئة لتصحيح مسار السياسات الاجتماعية، ومحاسبة المسؤولين عن إخفاقاتها، وتوفير معالجات فعلية لمعاناة المواطنين، بدءًا من تحسين جودة التعليم والصحة وصولًا إلى تكافؤ الفرص وتفعيل العدالة الاجتماعية.
وفي الختام، يرى المحللون أن شبيبة حزب الأحرار أمام اختبار حقيقي: بين الاستمرار في الدفاع عن سياسات حزبها، أو الانخراط في مواجهة الواقع والضغط من أجل إصلاح حقيقي يضع المواطن والشباب في صلب الاهتمام. فالتحدي الأكبر الآن هو تجاوز خطاب الإنجازات المزيفة، والاعتراف بالفشل، والعمل على خطوات ملموسة تقود إلى تحسين الخدمات الاجتماعية وتحقيق استقرار البلاد.