خيرية عين عتيق بين الإهمال والتهميش.. والدولة الاجتماعية مجرد وهم
بشرى عطوشي
إذا كانت الدولة الاجتماعية التي تريد حكومة أخنوش إرساءها، بهذه الصورة التي نراها وبشكل يومي، في الشوارع، والأزقة، ودور المسنين، والأيتام، فهي تقود البلد إلى الهاوية ولا ترسي غير أسس رؤوس أموالها وشركات أعضائها، وصناديقها الفولاذية.
وإذا كان المسن واليتيم والفقير والمعوز الذي يعيش في مؤسسات خيرية ودور الرعاية الاجتماعية، يعاني الويلات داخل جدران هذه المؤسسات التي تفتقر لأدنى شروط العيش الكريم، فكيف لحكومة تتبجح بإطلاقها لورش الحماية الاجتماعية أن ترفع رأسها عاليا وتقول فعلت كذا وقمت بكذا وكدا..؟
تتداول مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو مسرب من داخل مؤسسة الشيخ أحمد بن زايد آل نهيان للرعاية الاجتماعية بعين عتيق بعمالة تمارة، يبرز حجم المعاناة والتهميش الذي يعانيه نزلاؤها.
فمن يرى تلك الصور المحزنة، يقول إن الحكومة التي تتباهى بإنجازاتها، وتلوح بملف استضافتها لكأس العالم بعد خمس سنوات من الآن، في “دار غفلون”.
الصور التي تناولها الفيديو المسرب من الخيرية التي تحمل إسم رجل كان ولازال يحمل الخير في طياته، تصدم من لا قلب له، وتحيلنا على أن الأسوأ والأعظم هو ما خفي.
فقبل سنة من الآن تم تصوير أحد الاشخاص الذي يتاجر في بعض المواد الغذائية المعلبة، والمسربة من الخيرية، على حد قول الشخص الذي عرض بضاعته لصاحب الفيديو الذي صوره خلسة.
كثيرة هي الخروقات التي تعرفها مؤسسات الرعاية الاجتماعية بشتى انحاء المغرب، وتصرف الملايين من جيوب المحسنين، كما يتم دعم الجمعيات المشرفة على تدبير أو تسيير هذه المؤسسات.
اختلالات بالجملة، وغفلة وعين المعنيين بالأمر غافلة أو تتجاهل، ما يجري بمثل هذه المؤسسات التي يبقى الوازع الإنساني، هو المسير الوحيد، إلا أن هذا الوازع يغيب ويتربع مكانه القسوة، والظلم والفساد، والنهب من هنا ومن هنا، وتطمع عيون المحسوبين على الرعاية الاجتماعية في كسرة خبز تملأ بطن صغير، أو مريض، أو مسن.
إن الدولة الاجتماعية التي يتحدث عنها السيد اخنوش، ليست بالبساطة التي يراها، فهي حمل كبير، ويبدأ من هشاشة لتقوية القاعدة، فأساس البناء، يبدأ من القاعدة، ولا يمكن وضع بناء بدون أساس.
الحكومة التي بدأت بالتخلص من التزاماتها، بخوصصة القطاعات الاجتماعية ووضعها بيد الرأسمالية المتوحشة، والحكومة التي تخلت عن دعم المواد الاساسية دون إحداث بدائل، او مناصب شغل، والحكومة التي بدأت بتحرير صناديق الدعم ووضع الأغلال على أعناق المواطنين، وتكبيلهم بالضرائب المباشرة، وغير المباشرة، لملء صناديقها، لتتبجح في الأخير بانها أنجزت وشيدت، فهي حكومة فاشلة بكل المقاييس.
الحكومة التي تضع القوانين دون تفعيلها، والحكومة التي تغرق المواطن في المديونية، وتجر به للسجون، والحكومة التي تشرعن قوانين لتكبيل المواطن، بدل توفير الأرضية السليمة، لتطبيقها، هي بالفعل حكومة عاجزة.
إننا اليوم امام مشاهد مؤسسات الرعاية الإجتماعية، ومشاهد الكوارث الطبيعية التي وقفت الحكومة امامها دون تقدم ملموس لرفع الهشاشة، وغدا تتفاقم مثل هذه الصور لتغطي كل الاماكن في بلد يرى المواطن خيراته، ويعجز عن الاستفادة منها.
كفانا شعارات، وكفانا تبجحا، لقد ضاقت الأماكن بما رحبت.