دراسة.. الفساد يعزز مبيعات الشركات محليًا ويقوّض قدرتها على التصدير

إعلام تيفي

أظهرت دراسة مغربية حديثة أن الفساد يمارس تأثيراً مزدوجاً على أداء الشركات في المغرب، إذ يرتبط بدفع الرشاوى التي تمنح بعض المكاسب على المدى القصير في السوق المحلية، لكنه في المقابل يشكّل عائقاً كبيراً أمام الانفتاح على الأسواق الدولية، ما يعكس الدور المعقّد لهذه الظاهرة في سير العمليات التجارية.

الدراسة، التي نُشرت في يوليوز الجاري تحت عنوان “الفساد وديناميات الأعمال في المغرب”، أنجزها باحثون من قسم الاقتصاد بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، ويتعلق الأمر بكل من شيماء كريشي، مريم لواء الدين، أيوب السعدي، وزكرياء منصوري.

واستندت الدراسة إلى بيانات “استقصاء الشركات” الصادر عن البنك الدولي لسنة 2023، والذي شمل عينة من 554 شركة مغربية، واعتمدت على منهجية “المطابقة بالدرجة الاحتمالية” (PSM) لقياس التأثير السببي للفساد، من خلال مؤشرات مثل دفع الرشاوى، على كل من المبيعات المحلية والأداء التصديري.

وكشفت نتائج الدراسة عن مفارقة لافتة، إذ بيّنت أن الشركات التي تتعرض للفساد تسجّل ارتفاعاً في مبيعاتها المحلية بنسبة 9,1 في المائة، وهو ما يُعزى إلى استخدام الرشوة كوسيلة لتجاوز التعقيدات الإدارية والبيروقراطية، إلا أن ذلك يأتي على حساب قدرتها على التصدير، حيث أظهرت البيانات انخفاضاً في كثافة التصدير بنسبة 9 في المائة لدى هذه الشركات، مما يعكس الأثر السلبي للفساد على التوسع الدولي والتنافسية الخارجية.

وتوصل الباحثون إلى أن 30 في المائة من المقاولات المغربية أفادت بتعرضها لطلب رشوة، وهو رقم يفوق بكثير المعدل الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي لا يتجاوز 17 في المائة. وصرّحت 16 في المائة من المقاولات بأن الفساد يمثل عائقاً رئيسياً أمام أنشطتها، في حين احتل القطاع غير المهيكل المرتبة الأولى بين العوائق بنسبة 22 في المائة.

وأكدت الدراسة أن الفساد لا يؤثر بشكل موحّد على جميع المقاولات، بل يظهر كآلية غير رسمية تتيح لبعضها تجاوز العقبات التنظيمية على المستوى المحلي، لكنه في الآن ذاته يرفع من التكاليف ويحد من فرص النمو الخارجي، خاصة بالنسبة إلى المقاولات الصغيرة والمتوسطة.

وأوصى معدّو الدراسة بعدة إجراءات إصلاحية، من أبرزها تعزيز الشفافية الإدارية عبر رقمنة الخدمات وتبسيط المساطر، وتقليص الاحتكاك المباشر بين الإدارة والشركات، إضافة إلى تحفيز الابتكار عبر إزالة الحواجز البيروقراطية، لاسيما أن المقاولات المستثمرة في البحث والتطوير هي الأكثر عرضة لطلبات الرشوة.

وشددت التوصيات على ضرورة دعم المقاولات المصدّرة بإصلاحات جمركية وإدارية تيسّر ولوجها إلى الأسواق الخارجية، مع تفعيل الرقابة الجهوية نظراً لتفاوت مستويات الفساد بين المناطق، ما يكشف عن تفاوت في فعالية الحكامة المحلية. وختمت الدراسة بضرورة إشراك القطاع الخاص في جهود مكافحة الفساد من خلال تبنّي مدونات سلوك، وتشجيع ثقافة المسؤولية الاجتماعية داخل الوسط المقاولاتي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى