
إعلام تيفي
أكدت دراسة صادرة عن مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي أن المبادرة الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس، تمثل خطوة محورية نحو ترسيخ الاستقرار السياسي في إفريقيا، كما تعكس الدور المتنامي للمغرب كوسيط استراتيجي بين القارة الإفريقية وأوروبا وأمريكا اللاتينية.
ووفق ما جاء في الدراسة، فإن أهمية هذه المبادرة لا تقتصر على بعدها الاقتصادي فقط، بل تتجلى أيضًا في سعيها لتأسيس شبكة شراكات قوية قائمة على منطق التكامل بدلًا من التنافس. هذا الإطار التعاوني، بحسب المركز، من شأنه أن يسهم في خلق منظومة سياسية متينة تحفظ مصالح مختلف الدول الإفريقية والأطلسية، مع إشراك جميع الفاعلين، سواء من الحكومات أو من المجتمع المدني، ما يعزز استدامة المبادرة على المدى الطويل.
وأشار التقرير إلى أن المغرب، بصفته فاعلًا إقليميًا وازنًا، يطمح من خلال هذه المبادرة إلى إعادة رسم خريطة التعاون الإقليمي، عبر رؤية استراتيجية متكاملة تقوم على شراكات متوازنة خاصة مع دول غرب إفريقيا ومنطقة الساحل.
وأوضح المركز أن هذه المكانة التي بات يحتلها المغرب لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج لتراكمات مؤسساتية واستثمارات استراتيجية مدروسة مكنته من التحول من فاعل محدود إلى محور أساسي في السياسات الأطلسية على الصعيد الإفريقي.
وتطرقت الدراسة إلى البنيات التحتية المتطورة التي يمتلكها المغرب، مشيرة إلى تجربته الرائدة خلال العقدين الماضيين في مجال تطوير الموانئ، وفي مقدمتها ميناء طنجة المتوسط الذي تحول من مجرد منصة لوجستية إلى مركز مالي وخدماتي متكامل يربط إفريقيا بأوروبا والعالم.
كما أبرزت الدراسة أهمية الاستثمارات المغربية في مجالات الطرق السيارة، والسكك الحديدية عالية السرعة، والمناطق اللوجستية، حيث تشكل هذه المشاريع ركيزة لتعزيز سلاسل القيمة القارية، بفضل ترابطها مع المحطات الصناعية وشبكات التوزيع الحديثة.
وأكد التقرير أن هذه الدينامية لا تنحصر داخل الحدود الوطنية، بل تنسحب على مشاريع موجهة نحو العمق الإفريقي، من قبيل طريق تيزنيت – الداخلة، ومشروع الربط الطرقي مع موريتانيا ومالي، في إطار رؤية تهدف إلى جعل التراب المغربي منصة لوجستية واقتصادية لدول الساحل تمنحها واجهة أطلسية للاندماج في الاقتصاد العالمي.
ومن بين العوامل التي عززت موقع المغرب كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، أشارت الدراسة إلى استقراره السياسي ومرونته المؤسساتية، حيث يُعد من البلدان القليلة في المنطقة التي تمكنت من الحفاظ على توازن داخلي في سياق إقليمي متقلب.
وخلصت الدراسة إلى أن الانخراط المغربي المتنامي في إفريقيا يُعد خيارًا استراتيجيًا يؤكد التحول النوعي في السياسة الخارجية للمملكة، عبر تجاوز العلاقات التقليدية بين الدول نحو نموذج جديد من التعاون القائم على التنمية المشتركة، والاستثمار المنتج، وتعزيز شروط الاستقرار.





