دراسة تحذر من فشل القضاء في حل النزاعات الأسرية وتدعو إلى تقنين الوساطة بالمغرب

إعلام تيفي

في وقت يتواصل فيه النقاش حول إصلاح مدونة الأسرة، أماطت دراسة بحثية جديدة اللثام عن الدور الذي لعبته الوساطة الأسرية عبر التاريخ في حلّ الخلافات العائلية بالمغرب، مشيرة إلى أن المجتمع المغربي دأب على اعتماد هذه الآلية بشكل تلقائي، من خلال عرض النزاعات الزوجية أمام “قاضي الجماعة” بطريقة رضائية، ليُصدر رأياً بناءً على ما يُقدمه الطرفان من حجج.

الدراسة، المنشورة في عدد ماي من مجلة “الباحث للدراسات والأبحاث العلمية”، أبرزت أن المشرع المغربي وإن وسّع من حالات اللجوء إلى مسطرة الصلح، إلا أن التطبيق العملي أثبت محدودية فعاليتها، ما دفع إلى التفكير في ضرورة مأسسة الوساطة الأسرية، خصوصاً في ظل غياب إطار قانوني واضح ومحدد ينظمها.

وأكدت المعطيات الواردة في الدراسة أن القضاء أبان عن قصور واضح في تدبير هذا النوع من النزاعات، ويتجلى ذلك في الارتفاع المتواصل لحالات الطلاق، التي انتقلت من حوالي 27 ألف حالة سنة 2004 إلى ما يفوق ذلك خلال السنوات الأخيرة، لا سيما خلال جائحة “كورونا” التي ساهمت في تفجير العديد من العلاقات الزوجية لأسباب اقتصادية واجتماعية.

وترى الدراسة أن المغرب يتوفر على مؤهلات قانونية وثقافية ودينية تسمح بإرساء نظام فعال للوساطة الأسرية، يقوم على أسس المصالحة والصلح، بعيدا عن تعقيدات المساطر القضائية، بما يُسهم في تعزيز التماسك الأسري وحماية الأطفال.

زكرياء الودغيري، مُعدّ الدراسة، شدد على أن تحقيق هذا الهدف يبقى رهينا بتجاوز عدد من العراقيل، سواء القانونية أو الميدانية، داعياً إلى ضرورة انخراط الفاعلين القانونيين، والسلك القضائي، والمجتمع المدني، خصوصاً الجمعيات المهتمة بالأسرة، في دعم هذه الآلية.

كما أشار الباحث إلى أهمية وجود قانون خاص ينظم الوساطة الأسرية، يوضح آليات العمل ومساطر التدخل، منبهاً إلى أن الوساطة في شكلها الحالي، وفق قانون المسطرة المدنية ومدونة الأسرة، تبقى محدودة وغير كافية.

واختتمت الدراسة بتسليط الضوء على الحضور “المجزأ” لمفهوم الوساطة في المنظومة القانونية المغربية، مشيرة إلى أن غياب تقنين شامل ومؤسساتي للوساطة الأسرية يُعد أحد أبرز التحديات المطروحة، في وقت تتجه فيه مطالب عدد من الفاعلين إلى إحداث هيئة وطنية تُعنى حصراً بهذا المجال، ضمن مشروع إصلاح مدونة الأسرة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى