
فاطمة الزهراء ايت ناصر
شهدت مدينة الراشدية صباح اليوم محطة جديدة ضمن مسار الإنجازات، حيث أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن سلسلة مشاريع كبرى تهدف إلى إعادة رسم خريطة الخدمات الأساسية بالجهة، وعلى رأسها افتتاح المستشفى الجامعي بالراشدية سنة 2027.
كما تطرق أخنوش إلى مستشفيات أخرى في الريصاني، ورزازات، تنغير، بولمان دادس، وميدلت، فضلاً عن تأهيل أكثر من مائة مركز صحي للقرب، وإطلاق مشاريع تعليمية وبنية تحتية وسياحية.
وأكد رئيس الحكومة أن هذه المشاريع تأتي في إطار رؤية شمولية لتحسين جودة الحياة وخلق دينامية اقتصادية جديدة بالجهة، مشددا على ضرورة تعزيز الصحة والتعليم وتوسيع البنية التحتية وتطوير السياحة، لتستفيد الجهة من مؤهلاتها البشرية والجغرافية والاقتصادية.
لكن المعطيات الميدانية والدراسات الرسمية تشير إلى أن الجهة تواجه تحديات هيكلية عميقة لا يمكن تجاوزها بمجرد إنشاء مستشفيات ومراكز تعليمية.
فدرعة-تافيلالت ما تزال تعاني من مستويات فقر وهشاشة أعلى من المتوسط الوطني، حيث تصل نسبة الفقر إلى حوالي 7.7%، فيما يعيش نحو 19.5% من السكان في حالة ضعف أو شبه هشاشة.
هذا الواقع الاجتماعي يترافق مع نقص حاد في الخدمات الصحية في القرى والمناطق النائية، كما تشير تقارير النقابات المحلية، التي تسجل اختلالات في التجهيزات ونقص الكوادر الطبية، ما يجعل التنقل الطويل إلى المدن الكبرى ضرورة للعديد من المرضى.
كذلك، مشاريع المستشفيات الكبرى غالبا ما تواجه تأخيرات طويلة، حيث يظل بعضها في طور الدراسات أو التنفيذ الجزئي رغم مرور سنوات على الإعلان عنها.
في التعليم، رغم الحديث عن 428 مدرسة رائدة ومشروع مدينة المهن والكفاءات، إلا أن القرى والمناطق النائية ما زالت تعاني من ضعف البنية التعليمية وندرة الكوادر المؤهلة، مما يقلل من أثر المبادرات الحكومية إذا لم ترافق بسياسات دعم فعّالة ومستدامة.
وتعاني الجهة من نقص واضح في مؤسسات التعليم العالي، إذ لا توجد جامعة توفر جميع التخصصات الأكاديمية، مما يضطر الطلاب والطالبات إلى الانتقال نحو المدن الكبرى مثل مراكش والرباط وفاس لاستكمال دراستهم الجامعية.
هذا الوضع يزيد من أعباء الأسر ماديا واجتماعيا، ويحد من فرص شباب الجهة في التكوين المستمر والاستفادة من التعليم المتخصص القريب من مناطقهم. كما أن غياب جامعة قوية في الجهة يضعف إمكانيات البحث العلمي وتطوير الكفاءات المحلية، ويؤثر سلبا على استدامة أي برامج تنموية مستقبلية، لأن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تقوم إلا على رأس مال بشري متعلم ومتخصص، متاح في محيطه الجغرافي والاجتماعي.
واعتبر متابعين أن المشاريع المعلنة تمثل خطوة إيجابية، وتلبي احتياجات حقيقية للسكان، لكنها وحدها لا تكفي لمعالجة الاختلالات العميقة.
فمشروع المستشفى الجامعي أو توسعة البنى التحتية الصحية لا يمكن أن يحل أزمة نقص الكوادر، ولا يحد من الهشاشة والفوارق المجالية.
كما أن التركيز على مشاريع كبرى في حين تبقى الخدمات اليومية الأساسية ناقصة يثير تساؤلات حول أولويات التنمية في الجهة.





