دعم الابتكار وريادة الأعمال: صندوق محمد السادس للاستثمار يراهن على الشركات الناشئة

حسين العياشي
يستعد صندوق محمد السادس للاستثمار (FM6I) لإجراء تحول جذري في ملفه المحاسبي والمالي خلال الفترة من 2026 إلى 2028، وفقاً للمذكرة التقديمية لمشروع قانون المالية لعام 2026 التي نشرتها وزارة الاقتصاد والمالية. هذا التحول يعكس الزيادة المستمرة في حجم استثمارات الصندوق، حيث يتوقع أن يشهد الصندوق نمواً مطرداً في الأصول المالية، بالتوازي مع التنفيذ التدريجي للالتزامات المقررة. كما سيؤدي هذا إلى زيادة في نفقات متابعة وإدارة الاستثمارات. ومع ذلك، سيظل نموذج الصندوق معتمداً على التأثير المالي الكبير المدعوم من إيرادات الاستثمارات، في انتظار سداد كامل للمشاريع الجارية.
منذ بدء عمله، حقق صندوق محمد السادس للاستثمار تقدمًا ملحوظًا في دعم الأنشطة الإنتاجية وتمويل المشاريع الكبرى في القطاعين العام والخاص. في إطار تمويل المشاريع القطاعية والموضوعية، أطلق الصندوق في 2025 أول دعوة لتقديم التعبير عن الاهتمام، مما أسفر عن اختيار 14 شركة إدارة، منها تسع شركات مغربية وخمس دولية، التي تغطي قطاعات حيوية مثل الصناعة، الزراعة، السياحة، النقل، واللوجستيك. هذه الشركات تمكنت من تعبئة 14,5 مليار درهم، إضافة إلى 4,5 مليار درهم قدمها الصندوق، ليصل المجموع إلى 19 مليار درهم. هذه الحصيلة تساهم في تعزيز النظام الوطني لرأس المال الاستثماري وتعزز من مكانة المغرب كمركز مالي إقليمي.
في ما يتعلق بالصناديق المخصصة للشركات الناشئة، أطلق الصندوق، بالتعاون مع صندوق الإيداع والتدبير (CDG) ووزارة الانتقال الرقمي، دعوة للتعبير عن الاهتمام في 2024، والتي تلقت 47 ترشيحًا من شركات ناشئة تعمل في قطاعات مبتكرة مثل الفينتك، الصحة التكنولوجية، الزراعة التكنولوجية، والطاقة النظيفة. وبعد مرحلة الفرز، تم اختيار تسع شركات إدارة لتجمع 6,7 مليار درهم، منها 2,54 مليار درهم مخصصة للشركات الناشئة المغربية أو المرتبطة بالمغرب. تم أيضًا توقيع بروتوكول اتفاق بين CDG والوزارة المعنية من أجل هيكلة النظام البيئي الريادي بشكل أفضل.
كما أطلق صندوق محمد السادس للاستثمار، بالشراكة مع تمويلكم و11 بنكًا، منتج “كاب أكسيس” الذي يهدف إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة (PME) والشركات المتوسطة الحجم (ETI). يوفر هذا الآلية تمويلًا تكميليًا غير قابض للأسهم، مما يسهل الوصول إلى الائتمان البنكي. وحتى نهاية 2024، تم منح قروض بقيمة 368 مليون درهم، مما أدى إلى استثمار 2,35 مليار درهم وخلق حوالي 1900 وظيفة.
في إطار التحضير للفعاليات الرياضية الكبرى التي ستستضيفها المغرب، مثل كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم 2030، أطلق الصندوق مبادرة “كاب هوستابيليتي” التي تهدف إلى تجديد المنشآت السياحية المصنفة التي لم تُجدد منذ أكثر من خمس سنوات. يستهدف البرنامج تجديد 25,000 غرفة فندقية، بتكلفة إجمالية تقدر بـ 4 مليارات درهم.
يواصل الصندوق المشاركة المباشرة في مشاريع استراتيجية ضخمة، منها الاستثمار في شركة “إنتاج الطاقة الكهربائية لتحدارت” (EET) التي تدير محطة للطاقة الغازية بقدرة 400 ميغاوات، بالتعاون مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE) وشركتي سيمنز وإنديسا. تهدف هذه العملية إلى تمديد عمر المحطة وتعزيز قدرة الإنتاج الكهربائي، مما يسهم في تعزيز الاستقلالية الطاقية للمملكة.
وفي مايو 2025، انضم الصندوق إلى تحالف مغربي إماراتي، بالشراكة مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE)، لقيادة برنامج استثماري بقيمة 130 مليار درهم حتى عام 2030. يسعى هذا المشروع الضخم إلى تعزيز الأمن المائي والطاقي، وتطوير البنية التحتية الاستراتيجية مثل محطات تحلية مياه البحر، الطريق المائي، محطات الطاقة المركبة، خطوط الطاقة الكهربائية عالية الجهد المباشر (HVDC)، والطاقة المتجددة. كما يهدف إلى خلق أكثر من 25,000 وظيفة، من بينها 10,000 وظيفة دائمة.
هذه المشاريع والمبادرات تعكس التزام صندوق محمد السادس للاستثمار بتعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق استدامة في القطاعات الحيوية، وفي الوقت نفسه تعزيز مكانة المغرب على الساحة المالية الإقليمية والدولية.